ليو تولستوي والكون الصامت | فرانك مارتيلا – ت: جوزف بوشرعة

تستغرق 6 دقائق للقراءة
ليو تولستوي والكون الصامت | فرانك مارتيلا – ت: جوزف بوشرعة

إذا امتلكت كلّ ما رغبت فيه بينما افتقرت حياتك معنًى فهل ستبقى راغبًا في العيش؟ لم يكن هذا السّؤال نظريًّا عند الكونت الرّوسيّ الثريّ ليو تولستوي «Leo Tolstoy» (1828-1910)؛ وهو المؤلّف العظيم صاحب رائعتي “الحرب والسّلم” «War and Peace»، و”آنا كارينينا” «Anna Karenina». لقد كانت مسألة حياةٍ أو موتٍ؛ حيث سأل نفسه: «لماذا يجب أنْ أعيشَ؟ أيّ ماهيّةٍ أبديّةٍ ستُستخلص من حياتي الزّائلة والمرحليّة؟» وكتب في سيرته الذّاتيّة: “اعترافي” «My Confession» (1882) أنّه طالما سيكون عاجزًا عن العثور على جوابٍ يتمّم سؤال المعنى «فخير ما يمكنني فعله هو شنق نفسي». فما الذي يجعل سؤالنا: «ما هو معنى الحياة؟» قويًّا حيث يكون عجزنا عن تقديم جوابٍ متمّمٍ له دافعًا لنا نحو هاوية الانتحار؟

لمّا شرعت في مراجعة تاريخ هذا السّؤال تفاجأت بحداثته؛ فنحن غالبًا ما نعتبره سؤالًا أزليًّا طُرح منذ فجر البشريّة، لكنّ الواقع يشير إلى أنّ أوّل استعمالٍ مدوّنٍ لجملة «معنى الحياة» في اللّغة الإنجليزيّة مذكورٌ في رواية “توماس كارلايل” «Thomas Carlyle» المشهورة: “سارتور ريسارتوس” «Sartor Resartus» سنة 1834؛ وفيها «تدور حياتنا حول الضّرورة، لكنّ معنى الحياة نفسها ليس سوى قوّة إرادة عوضًا عن كونه حرّيّةً».

قبل أن يطرح بطل رواية “كارلايل” سؤاله، يمرّ في أطوار الأزمة الوجوديّة؛ فهو أوّلًا يفقد إيمانه الدّينيّ: «لقد جعل الشكُّ النَّفسَ مظلمةً حتّى الجحود … ومرّ ظلٌّ على ظلٍّ فوق روحك كئيبًا … إذن هلّا يوجد إلهٌ؟». إن الكون من دون الله يصبح باردًا وصامتًا: «أمسى لي الكون مفرغًا من الحياة، والغاية، والإرادة، لقد أصبح محرّكًا آليًّا ضخمًا، وميتًا لا حدّ له، يدور في لامبالاةٍ باردةٍ؛ ليمزّقنا إربًا إربًا». لا شيءَ يبدو ذا قيمة في هذا الكون الآليّ المفرغ من القيم المتعالية.

أمّا تولستوي فيرى أنّ طور الأزمة الوجوديّة يعذّبه دائمًا سؤال «لماذا؟». لقد اهتمّ الرّجل بميراثه، ولكن لماذا؟ هل يعود السّبب إلى أنّ حقوله تُنتج محاصيلَ كثيرةً، ولكن لماذا ينبغي عليه أن يبالي؟ فمهما فعل، ومهما حقّق، كلّه سيؤول إلى النّسيان؛ إذ سيفنى عاجلًا أم آجلًا مع كلّ ما يكون عزيزًا على قلبه، وهو نفسه كتب: «لم يبقَ شيئًا إلاّ الرّائحة النّتنة والدّود». ولكنْ نظرًا إلى الاضمحلال الحتميّ والنّسيان الموعود، ما غاية كفاحنا في هذه الحياة؟

محاولة التقاط المعنى فيما يفلت منّا

يبدو أنّ أجواء القرن التّاسع عشر قد عبّدت الطّريق أمام طرح سؤال المعنى، ووضعه في مكانته المستحقّة؛ لذا فإنه لا يمكننا أن ننسى ذكر الرّومنطقيّين الألمان؛ ومنهم فريدريش شليغل «Friedrich Shlegel»، ونوفاليس «Novalis»، واستعمالهم عبارة «der Sinn des Lebens» (معنى الحياة) في مطلع القرن التّاسع عشر، ولم يؤثّر هؤلاء الرّومنطقيّون على كارلايل فحسب، بل امتدّ تأثيرهم ليبلغ سورين كيركيغارد «Søren Kierkegaard»، وأرتور شوبنهاور «Arthur Schopenhauer»، ومن خلال شوبنهاور بلغوا فريدريش نيتشه «Friedrich Nietzche»، وهم الفلاسفة الذين أدّوا دورًا أساسيًّا في تحويل هذه العبارة الباطنيّة إلى جملةٍ محوريّةٍ في الأسئلة الوجوديّة التي نطرحها اليوم.

شهد القرن التّاسع عشر تحوّلاتٍ كثيرةً في المجتمعات الغربيّة، بدءًا بالثّورة الصناعيّة. لكنّني أظنّ أنّ الدّافع الرّئيس خلف الأزمات الوجوديّة التي مرّ بها كارلايل، وتولستوي، وغيرهما، كان صعود المنظور الإلحاديّ للعالم منطلقًا من العلم؛ فقد عاش كارلايل نفسه في زمنٍ أسماه «القرن الإلحاديّ» «an Atheistic Century»؛ حيث فقد المؤلّف الإيمان الكالفينيّ الملتزم الذي اعتنقه والداه، فشكى كيف بات «مشعل العلم» يشتعل متوهجًا جدًّا حتّى «لم تعد فجوةٌ – أو شقٌّ – في الطّبيعة أو الفنّ غير مستنيرةٍ» (Sartor Resartus).

وعلى هذا النّحو تمثّل موقف تولستوي؛ إذ ليست مصادفةً أن يكتب تولستوي في مفكّرته أنّ «الحياة على الأرض لا تقدّم لنا شيئًا»، بينما دخل الرّجل في أزمته الوجوديّة، وذلك بعد أنْ أمضى قبلُ بضعة أشهرٍ يقرأ في كتب الفيزياء، ويبحث في مفهومي الجاذبيّة والحرارة، ويطّلع على الطّريقة التي «يضغط من خلالها كثافة الهواء». وفي سبيل سعيه لإدراك قوانين الطّبيعة الباردة فقد إيمانه بالمتعالي، فكتب عن «بحثه في العلوم كلّها»: إنّني «خلافًا لما رغبت في العثور عليه قد اقتنعت بأنّ كلّ من بحث كحالي في محيط المعرفة عن معنى الحياة لم يجد شيئًا». لا مكانَ للغاية في عالمٍ تسيّره قوانين الطّبيعة الآليّة.

بعد مرور أكثر من قرنٍ على وفاة كارلايل وتولستوي اخترق المنظور الإلحاديّ للعالم الطّريقة التي نرى فيها هذا العالم على نحوٍ أكبر ممّا كان عليه. ولكن هل نملك الجواب على سؤال المعنى الذي سعى هؤلاء الفلاسفة إلى الإجابة عنه؟

أعتقد أنّنا لا نملك الجواب. والحقّ أنّ الدّراسات قد أظهرت أنّ الذين يعانون في سبيل العثور على المعنى في حياتهم هم نحن مواطني الدّول المتطوّرة والغنيّة. لقد قدّم البروفيسوران: شيغهيرو أويشي «Shigehiro Oishi»، وإد دينر «Ed Diener» تحليلًا سنة 2013 لإحصاءٍ فريدٍ أجرته شركة “غالوب” «Gallup» على مجلّة “العلم النّفسيّ” «Psychological Science»؛ حيث ضمّت 142000 مشاركٍ من 132 دولةً في العالم؛ فهو أحد أكبر الإحصاءات التي أجريت حول رفاهيّة الإنسان وسعادته. ولكنّهما لم يتفاجآ بأوّل استنتاجٍ توصّلا إليه. إنّ معدّل الأشخاص [الأثرياء] في الدّول الغنيّة يشير إلى أنهم أكثر ارتياحًا في حياتهم، ولكن بعد مراجعة العلاقة بين الثراء والمعنى في الحياة وجد أويشي ودينر نمطًا معاكسًا: ينزع النّاس في الدّول الغنيّة إلى التّذمّر من افتقار حياتهم إلى غايةٍ عليا أو معنًى مهمٍّ. فعلًا كانت الدّول الثّريّة؛ مثل فرنسا، واليابان، والمملكة المتّحدة، من بين تلك الدّول التي شكى معظم مواطنيها من أنّ حياتهم تفتقر إلى المعنى، بينما شغرت الدّول الفقيرة؛ مثل توغو، والسينيغال، وسيراليون، أعلى مراتب اللاّئحة من حيث وجود المعنى في الحياة. لقد ربطت دراساتٌ عديدةٌ الافتقار إلى المعنى بتزايد أفكار الانتحار. وقد وجد أويشي ودينر أنّ ضعف الإيمان الدّينيّ – الذي يؤدّي بدوره إلى فقدان المعنى – عاملٌ أساس في تفسير سبب ازدياد معدّل حالات الانتحار في الدّول الغنيّة؛ لذا تصبح الإجابة عن السّؤال الآتي أمرًا ملحًّا: كيف يستطيع المرء العثور على المعنى في الحياة في مجتمعٍ معلمَنٍ «secularized society»؟

عنصرا المعنى

ازدهرت في العقود الأخيرة – لحسن حظّنا – الدّراسات الفلسفيّة والنّفسيّة في موضوع المعنى، وبدأ يظهر جوابٌ في الأفق.

أوّلًا: ينبغي علينا أن نفصل بين المسألتين: معنى الحياة، والمعنى في الحياة؛ فالأوّل مرتبطٌ بالحياة عمومًا، وظاهرٌ في سؤالك: «لماذا الكون موجودٌ؟»، أو «هل تملك الإنسانيّة غايةً؟»، وقد فقد هذا الصّنف من الأسئلة جوابه نتيجة الطّبعانيّة العلميّة «scientific naturalism»؛ فلا مكانَ للمعنى في كونٍ علمانيٍّ لا إله له، تحكمه قوانين الطّبيعة.

ولكن عندما أطرح سؤالًا عن المعنى في الحياة فإنني أسأل عمّا يجعل حياتي ذات معنًى لي. أين أجد الغاية التي تقود حياتي؟ وهذا السّؤال لا يتمحور عن قيمةٍ كلّيّةٍ، بل يحاول الإجابة عن الأشياء والغايات التي أعتبرها ذات قيمة لي شخصيًّا، وبمعنى آخر: ما الذي يشعرني أنّ حياتي يُستحقّ عيشها؟

يجيب كلّ إنسانٍ عن هذا السؤال على نحوٍ مختلفٍ؛ فالأماكن والأشخاص الذين يكنّون معنًى عند امرئ ما قد لا يعنون شيئًا لغيره. إنّ موضعًا في الغابة أمضيت معظم طفولتي لاهيًا فيه مقدس لديّ. أمّا لدى الآخرين فهو ليس سوى أشجارٍ، وطحالبَ، وصخورٍ. ولكن كلما ازدادت معرفتنا بالتّكوين النّفسيّ عند البشر، وبعناصر التّحفيز البشريّ، استطعنا تحديد موضوعين رئيسين ينزعان إلى تحسين حسّ المعنى في الوجود لدى الجميع تقريبًا.

أوّلًا: عندما يستطيع المرء المساهمة في شيءٍ أكبر من نفسه فإن هذا الأمر يشعره بوجود معنًى عميقٍ في حياته. هكذا لم تعد قيمة حياة الإنسان محصورةً في نفسه، بل باتت مرتبطةً بشيءٍ أعظم منها؛ خذ مثلًا: نيلسون مانديلا «Nelson Mandela»، ومارتن لوثر كينغ «Martin Luther King»، وأبراهام لينكولن «Abraham Lincoln»، أو ماهاتما غاندي «Mahatma Gandhi»، ستجد أن ما يوحدّهم هو نضالهم في سبيل قضيّةٍ أعظم من حياتهم الشّخصيّة.

وتدعم الدّراسات النّفسيّة هذا التّصوّر؛ فعلى سبيل المثال: طلبتُ في الدّراسة التي أجريتها من عددٍ من الأشخاص لعب لعبةٍ بسيطةٍ على الحاسوب وفق شرطين: أن تلعب مجموعةٌ أولى اللّعبة، بينما تُبلَّغ المجموعة الأخرى أنّ لعبهم سيحصّل أموالًا في سبيل برنامج التّغذية العالميّة في الأمم المتّحدة. ولا عجب أن وجدت المجموعة الثّانية اللّعبة ذات معنًى أكثر من المجموعة الأولى؛ فقد أثبتت الدّراسات أنّ المساهمة تؤدّي دورًا أساسًا في تفسير “ما الذي يجعل العمل ذا معنى”. عندما نقول «أستمتع في عملي الحاليّ لكنّني أودّ القيام بشيءٍ ذي معنى أكثر» فالحقّ أنّنا نتوق إلى المساهمة إيجابيًّا من خلال عملنا.

فالمعنى في الحياة – إذن – متمحورٌ حول جعل نفسك ذات معنًى للآخرين. ولكن المعنى لا ينحصر بالمساهمة.

أشار الفيلسوف ريتشارد تايلور «Richard Taylor» في معنى الحياة «The Meaning of Life» (1970) – وهي المقالة الأكثر تأثيرًا من بين المقالات التي كُتبت في موضوع المعنى في السّنوات الخمسين الأخيرة – إلى «حسّ المعنى الغريب» المرتبط بقدرتنا على إتمام الأشياء التي تثير اهتمامنا، ومن ثمّ يؤدّي هذا الأمر إلى تحقيق «الدّافع الدّاخليّ لفعل ما وُجدنا للقيام به».

تخيّل طبيب قلبٍ يؤدّي جراحةً قلبيّةً معقّدةً، وبالتالي فهو يُنقذ حياة النّاس يوميًّا، قد يبدو أنّ عمله يحمل معنًى كبيرًا! لكن لا يجب علينا التّسرّع في الاستنتاج. يخبرنا عالم النّفس وليام دايمون «William Damon» عن لقائه طبيب قلبٍ تعيسٍ إلى حدّ فقدان رغبته في النّهوض من على سريره صباحًا. لقد شعر هذا الرّجل أنّ الجراحة لم تكن رغبته، وأنّه دخلها رغبةً في إرضاء الآخرين؛ لذلك احتاج إلى العثور على عملٍ يجعله سعيدًا، عوضًا عن إرضائه والديه.

وما أعنيه هو أنّ المعنى في الحياة ليس مرتبطًا بالآخرين فحسب، بل مرتبطًا بالذّات أيضًا. وعلى المرء أن يشعر بأنّه قادرٌ على اتّباع قيمه الخاصّة؛ حيث يسعى خلف اهتماماته معبّرًا عمّا يكون عليه حقًّا، عوضًا عن الامتثال إلى الإملاءات الخارجيّة. إن عيش حياةٍ ذات معنى يتطلّب اتّباعك إملاءات قلبك.

كذلك تدعم الدّراسات النّفسيّة هذا التّصوّر؛ فعلى سبيل المثال: أظهرت دراسةٌ أجرتها البروفيسور ريبيكا شليغل «Rebecca Schlegel» وزملاؤها أنّ ثَمَّ عاملًا أساسًا للمعنى في الحياة؛ وهو التّعبير الأصيل عن الذّات. وعندما سأل الباحثون النّاس أن يكتبوا عن «ذاتهم الحقّة» «true self»، حدّد طول قصصهم مدى اعتبار حياتهم ذات معنى (وتُعدّ هذه الطّريقة مؤشّرًا عن مدى تصالح النّاس مع ذواتهم الأصيلة). لكنّ الأمر نفسه لم ينطبق عليهم حينما طُلب منهم أن يكتبوا عن «ذواتهم المعتادة» «usual selves»، أو عن الطّريقة التي يتصرّفون بها في حضور الآخرين. لم تتطابق ذاتهم الاجتماعيّة مع المعنى.

كيف تجعل حياتك ذات معنى؟

إنّ أكثر الدّروب الآمنة التي تستطيع عبرها اختبار المعنى في حياتك متمثّلةٌ في أمرين: التّعبير عن نفسك، والمساهمة في رفاهيّة الآخرين. لا تكن مهووسًا بالنّجاح أو بالسّعادة؛ فقد يتركان لك هذان المسعيان شعورًا بالفراغ. وعوضًا عن ذلك راجع النّشاطات والأدوار التي تكون فيها أصيلًا، ثمّ فكّر بالطّريقة التي قد يُستعمل فيها هذا النّشاط أو الدّور المعبّر عن الذّات في خدمة الآخرين، إنّه وصفةٌ لوجودٍ ذي معنًى. وهكذا بعد عثورك على الوصفة المخصّصة لك يكون باستطاعتك أن تسعى خلف النّجاح أو السّعادة بوصفهما نتاجًا جانبيًّا لهذا المسعى الصحيّ الأكثر وجودًا.

إن الطّريقة التي يحقّق الفرد بوساطتها هذين العنصرين مستندةٌ طبعًا على اهتماماته، وقيمه، ومهاراته، ووضعه في الحياة. وباستطاعة المرء استعمال مواهبه في الخطابة (التّعبير عن الذّات)؛ للنّضال في سبيل قضيّةٍ عزيزةٍ عليه (المساهمة). فقد يستمتع عامل صيانة في المستشفى بما حقّقه (التّعبير عن الذّات) من خلال التزامه بمستوى النّظافة المطلوب لصحّة المرضى (المساهمة). ويعتبر الكثيرون أنّ تربية الأولاد وسيلةٌ للتّعبير عن الذّات والمساهمة. وينطبق الأمر نفسه على الكثير من الهوايات، خصوصًا الأعمال التّطوّعيّة. هكذا يجب على الجميع العثور على طريقةٍ للتّعبير عن أنفسهم والمساهمة على نحوٍ يناسبهم ويناسب وضعهم في الحياة. لقد شعر ليو تولستوي – وهو في أزمته الوجوديّة – بأنّ «آخر قطرتَيْ عسلٍ» أبقتاه متمسّكًا في هذا العالم؛ وهما: «محبّتي لعائلتي، وكتاباتي»، وهو بمعنى آخر يقصد: المساهمة والتّعبير عن الذّات.


إنّ فرانك مارتيلا باحثٌ فنلنديٌّ متخصّصٌ في علم نفس المعنى في الحياة وفلسفتها، وقد نشرت دار “هاربر كولنز” «HarperCollins» كتابه “حياةٌ رائعةٌ: خواطر في العثور على وجودٍ ذي معنى «A Wonderful Life: Insights on Finding a Meaningful Existence».

مررها   كن جزء من مجتمع مرّرها اشترك بنشرتنا.