قبل أسبوع حبس السعوديون أنفاسهم وهم ينتظرون نتائج التصويت في مقر منظمة المعارض الدولية بباريس للإعلان عن استضافة إكسبو 2030. وما أن اقتربت الساعة من 7:30 مساء بتوقيت المملكة حتى تطايرت وسائل الإعلام بالخبر السعيد وبصور المسؤولين وهم يعانقون بعضهم بعد فوز المملكة واختيار الرياض لاحتضان إكسبو 2030. والمذهل أن النتائج كانت حاسمة وساحقة لصالح الرياض وبشكل غير معهود في تاريخ الإكسبو الحديث، حيث فازت الرياض ومن الجولة الأولى في الاقتراع السري بـ 119 صوتا مقابل 29 صوتا لمدينة بوسان في كوريا و17 صوتا لروما في إيطاليا. وكان عراب رؤية 2030، سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، قد وعد بنسخة غير مسبوقة ستقيمها المملكة لمعرض إكسبو في الرياض بإذن الله. هذه المقالة تسعى لأن تجيب على تساؤلات تدور في أذهان البعض عن مدى تأثير هذه المعارض الدولية وهل هناك مبالغة في اهتمام العالم بها، ومتى وكيف بدأت فكرة إنشائها، وما أبرز العلامات التي مرت بها في طريق تطورها، وعن العوامل وراء فوز الملف السعودي، وماذا ستقدم الرياض لإكسبو وماذا سيقدم إكسبو للرياض.
البدايات
تعد معارض الإكسبو، وكأس العالم في كرة القدم، ودورات الألعاب الأولمبية، أكبر الفعاليات في العالم التي تستقطب عند حدوثها وأثناء السنوات المؤدية لها، أنظار البلايين حول العالم، وتحدث تحولات إيجابية في الدول والمدن التي تستضيفها. وعلى الرغم من أن مونديال كأس العالم ومسابقات الألعاب الأولمبية تتميز بالشدة والإثارة خصوصا في منافسات التصفيات النهائية وتسجيل الأرقام القياسية وتوهج النجوم، إلا أن معارض إكسبو تتميز بأنها أكثر شمولية من حيث عدد الدول، وأكثر عمقا في المحتوى وتأثيرا على تقدم العالم ومسيرة البشرية والتعاون بين الشعوب، خاصة وأنها تحدث في نطاق زمني على مدار 6 شهور يمنحها زخما ممتدا بشكل أكبر.
وإذا تتبعنا تاريخ معارض إكسبو الدولية على مدى نحو 170 سنة، نجد أنها شهدت تحولات وتطورات في أهدافها ومجالات تركيزها ونطاق اهتماماتها، بل حتى في تسميتها. بدأت معارض إكسبو بفكرة تولدت عام 1849 لدى الأمير ألبرت، زوج ملكة بريطانيا فيكتوريا. كان الأمير ألبرت رئيس الجمعية الملكية للفنون وأدى دورا قياديا في تنفيذ مشروع أول معرض دولي لإكسبو، وجمع الأموال اللازمة وسعى لتحقيق مشاركة دولية واسعة، وكان ذلك عام 1851 حيث أقيم أول إكسبو في حديقة الهايدبارك الشهيرة في لندن وكان اسمه المعرض الكبير Great Exhibition. كانت ثيمة المعرض عرض أعمال وتصاميم وصناعات جميع الدول، خاصة وأن منتصف القرن الـ19 شهد تطورات كبرى في الثورة الصناعية التي بدأت في بريطانيا قبل ذلك بأكثر من 100 سنة.
القصر البلوري احتضن أول إكسبو في هايدبارك
قام المعماري وخبير تنسيق الحدائق البريطاني السر جوزيف باكستون بمقامرة حيث صمم قصرا عملاقا جميلا جدا مشيدا من الزجاج والحديد مسبق الصنع عرف باسم القصر البلوري crystal palace وكان ذلك تصميما ثوريا أبهر الزوار بجماله وضخامته ولعدم حاجته لإضاءة نهارية، وكان يعد صيحة في عالم العمارة في القرن التاسع عشر وشكل تحديا كبيرا في وقته للتنفيذ وفقا لتقنيات ذلك الزمن، حيث كان بداية استخدام الزجاج والحديد كمواد بناء على نطاق كبير. شاركت في المعرض 14 ألف جهة عارضة، قدمت نحو 100 ألف مادة ومنتج امتدت في طاولات بطول إجمالي يبلغ 13 كم، وزاره نحو 6 مليون شخص، معظمهم من خارج لندن. حقق المعرض نجاحا مدويا رغم وجود اعتراضات وانتقادات وتشكيك في الفكرة وجدواها، ووصفته الملكة فيكتوريا بأنه مهرجان للسلام.
في السنوات الثلاث التالية أقيمت عدة معارض دولية في دول مختلفة، كما نشطت مدينة باريس بتبني المعارض الدولية وأقامتها 5 مرات في السنوات بين 1855-1900، فكانت تلك المعارض أعظم تجمع عالمي يجمع الدبلوماسية والثقافة والتبادل التجاري والاقتصادي والابتكار. وقد بدأ العالم القرن العشرين بتنظيم إكسبو باريس 1900، وكانت تلك المدينة العظيمة في أوج جمالها وأناقتها، خاصة وأنها أنشأت قبل ذلك برج إيفل في معرض إكسبو 1889 ليكون رمزا للمعرض وللمدينة وللبلاد، فمعارض إكسبو تمثل فرصة للدول لتشكيل صورتها وإبراز هويتها في العالم. ومن المرجح أن تكون معارض الإكسبو أحد الأسباب التي جعلت باريس تحتل مكانة مرموقة وخالدة في الوجدان العالمي.
تطورات معارض الإكسبو في القرن العشرين والحادي والعشرين
وفي الربع الأول من القرن العشرين تزايدت المعارض العالمية في عدد من الدول، وصار لكل معرض قانونه الخاص مما دفع الدول المهتمة في العام 1928 إلى تشكيل منظمة حكومية دولية هي: المكتب الدولي للمعارض Bureau International des Expositions, (BIE)وتتخذ من باريس مقرا لها، وهدفها التشريع والإشراف على تنظيم المعارض العالمية وتحديد الدول المضيفة ومعايير الاستضافة ومتطلباتها، وقد شارك في تأسيس هذه المنظمة والتوقيع على ميثاقها آنذاك 31 دولة. ومع نهاية الحربين العالميتين أصبح هناك تركيز أكثر في النصف الثاني من القرن العشرين على أن تكون معارض إكسبو منصات عملاقة للحوار والسلام، فيما استمر استعراض التطورات التقنية كملمح مهم وعنصر جذب في معارض إكسبو بهدف تحسين جودة الحياة. على سبيل المثال كانت ثيمة إكسبو بروكسل عام 1958 “التطور والبشرية” وهو أول إكسبو تشارك به المملكة العربية السعودية، وكان عدد الدول المشاركة فيه 39 دولة.
وقد بدأت المعارض الدولية تسمى إكسبو بدءا من معرض مونتريال بكندا عام 1967، وكانت قبل ذلك تسمى المعرض الكبير أو المعرض العالمي world fair. ومع عملية التحرر من الاستعمار التي تزايدت في الثلث الأخير من القرن العشرين تزايد عدد الدول المشاركة في معارض إكسبو، كما حدث تطور آخر مهم في العام 1994 تواكب مع تصاعد موجة القلق العالمي على البيئة فاعتمد مجلس المكتب الدولي للمعارض قرارا بأن تبدي جميع معارض إكسبو التزاما نحو الأهمية القصوى للبيئة الطبيعية وانعكس هذا القرار في ثيمة معرض هانوفر 2000 الذي استضافته كندا وكانت ثيمته “الانسان، الطبيعة، والتقنية” وبلغ عدد الدول المشاركة فيه 155 دولة.
ومع أن تبني إكسبو مبادئ الاستدامة منذ تسعينيات القرن الماضي، إلا أن الاستدامة أصبحت مهيمنة في القرن الحادي والعشرين، كما توسع نطاق المعارض لتشمل المدن والمناطق ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية. وأصبحت معارض إكسبو – وخاصة منذ تنظيم إكسبو شانجهاي في 2010 – منصة لتقديم وعرض أفضل الممارسات العالمية التي تشجع على تبادل الخبرات للتحول نحو حياة أكثر ازدهارا وابتكارا واستدامة.
هل معارض إكسبو مجدية؟
تشير مصادر إلى أن تكاليف إقامة وإنشاء مدينة إكسبو في دبي كانت 7 مليار دولار. أما التكاليف الأولية لإكسبو الرياض فقد نشرت صحيفة الاقتصادية في عددها 30 نوفمبر 2023 أن التكلفة التقديرية هي 7.8 مليار دولار. وكثيرا ما يدور السؤال هل إقامة إكسبو مجدية للدول والمدن التي تستضيفه؟ للإجابة لا بد من النظر للعوائد المباشرة وغير المباشرة والعوائد على المديين القصير والطويل. فالواقع أثبت أن استضافة أي مدينة لمعرض إكسبو تحدث لها نقلة نوعية في السمعة والمكانة العالمية ويخلق فرص لتحديث البنية التحتية وفرص توليد وظائف وفرص أعمال في قطاع الإنشاء والخدمات والاستثمار، فضلا عن القوة الناعمة التي تكتسبها المدن والبلدان المستضيفة. ومن أبرز الأمثلة أن إكسبو باريس عام 1889 كان ناجحا بمعايير الربحية فقد حقق عوائد تقدر 7.5 مليون فرانك آنذاك وهي تكلفة تعادل تكلفة إنشاء برج إيفل، ولكن ما صنعه برج إيفل يتمثل في أنه أصبح معلما عالميا يدر مبالغ سياحية طائلة لباريس على مدى أكثر من 130 سنة، وهذه تعتبر فائدة طويلة المدى. وبالنسبة للعوائد على المدى القصير فهي إيرادات التذاكر والإيجارات والرعاية والفنادق ووسائل النقل وغيرها. أما على المدى الطويل فتتمثل في البنية التحتية والبنى التقنية والقوة الناعمة والتأثير العالمي والشعور الوطني الذي ستكتسبه المدينة والبلاد المستضيفة.
لماذا فازت المملكة باستضافة إكسبو 2030؟
وقد يتساءل الكثيرون ما الذي جعل المملكة تفوز فوزا كاسحا؟ ربما تكون هناك شبكة من العوامل ولكن يبرز منها أربعة: الأول هو حالة التحولات والبروز الرائع الذي تعيشه المملكة على المستوى العالمي، وقد تجلى ذلك بشكل أكبر خلال الثلاث سنوات الأخيرة أثناء الجائحة حيث استضافت المملكة قمة العشرين، وما بعدها حيث شاهد الخبراء نمو الاقتصاد السعودي الذي كان الأعلى بين دول العشرين في العام 2022، وشاهدوا المشاريع الجبارة التي لم تعد خططا بل أصبحت ملامحها ترسم واقعا جديدا ومشرقا ومبتكرا. ولفتت المملكة أنظار العالم كونها نموذجا جديدا يقرن القول والأحلام الكبيرة والطموح بالعمل والمثابرة والنتائج، وكأن كلمة مستحيل قد حُذفت من قاموس الإنجاز السعودي. والعامل الثاني كان جودة تحضير الملف الذي كان محكما بما يكفي للتغلب على ملفات مدن عالمية كبرى. وقد كان المخطط والتصور الذي قدمته المملكة يبشر بتحقيق نسخة غير مسبوقة.
الدبلوماسية في أوجها
لم تكتف المملكة بذلك بل عززت تلك الجهود بالعامل الثالث وهو القوة الناعمة، والحراك الدبلوماسي الكبير والمؤثر الذي تم بذله عبر وزرائها وكبار مسؤوليها ومؤسساتها في إقناع أكثر من 100 دولة بأن الرياض هي الخيار الأنسب لإكسبو 2030. على سبيل المثال ذكر معالي وزير السياحة الأستاذ أحمد الخطيب أن نصيبه من الحراك خلال السنتين الماضيتين 70 رحلة دولية قطع فيها أرقاما قياسية في الرحلات وكانت من الكثافة بحيث أنه التقى رؤساء 9 دولا في 3 أيام. ولم يكن معاليه وحيدا بل أن العديد من الوزراء كان لهم نصيب مشابه. وهذا الزخم والنجاح الدبلوماسي يدل على ما تتمتع به المملكة من مكانة وثقة دولية متزايدة ورأسمال في الاحترام والعلاقات والتأثير. وقد ذكر المستشار الثقافي د. حاتم الزهراني أن فوز المملكة بإكسبو الرياض يأتي ضمن قناعة متزايدة لدى القيادة الحكيمة بأن أرض المملكة التي كانت عبر التاريخ ملتقى الحضارات هي منذ إطلاق رؤية 2030 بدأت تستعيد مكانتها التاريخية وتصبح بشكل متزايد واجهة عالمية لكل خير ونماء وتعاون وسلام وبناء حضاري، وأنها محور لربط قارات العالم ليس فقط اقتصاديا ولوجستيا بل أيضا ثقافيا وإنسانيا.
وفي حديث جانبي حول فوز المملكة الكاسح بإكسبو، ذكرني الأستاذ فهد الضبيب، النائب الأعلى للرئيس للاستراتيجيات وتحليل الأسواق في أرامكو، والذي كان عضوا في اللجنة التوجيهية لجناح المملكة في إكسبو دبي 2020، بما ذكره معالي د. غازي القصيبي رحمه الله عن الدروس المستفادة من خسارته منصب المدير العام لليونسكو في وجه المرشح الياباني عام 1999. من أهم الدروس التي ذكرها معاليه أن الفوز في الترشيحات الدولية هو معركة كبرى تتطلب استعدادا جادا وحشدا مكثفا على أرفع المستويات في الدولة، وتبدأ الحملات المرتبطة بها قبل الحدث بخمس أو عشر سنوات للتأثير على أصحاب القرار الذين هم في الغالب رؤساء الدول المشاركة في المجالس التنفيذية ومن في مستواهم وسيدلون بأصوات دولهم عبر ممثليهم. والآن يفصلنا نحو ربع قرن عن الدروس التي قدمها القصيبي رحمه الله، ولكن المملكة تغيرت كثيرا، وطورت آليات الفوز الدولي وأدواته، وقرنت ذلك بمتابعة دقيقة وصارمة وداعمة من سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
وربما يكون هناك عامل رابع ساهم في الفوز بإكسبو الرياض وهو أن المملكة تمثل حالة استثنائية يصعب توصيفها، تجمع الغموض والسحر والنظرة المستقبلية الفائقة المختلطة بصورة نمطية قديمة، فهي مساحة كبرى في قلب العالم القديم وتمثل قوة صاعدة صعودا مذهلا نحو المستقبل مما يجعلها وجهة جذابة لكثير من الرواد حول العالم الذين يبحثون عن تجارب جديدة ومختلفة لم يألفوها من قبل. والمملكة بشكل عام، والرياض بشكل خاص، تشكل حالة تحول عميقة وناجحة وملهمة بإمكان العالم أن يستفيد منها دروسا عملية وواقعية. وبالتالي لن ترحب المملكة بضيوف العالم في 2030 في موقع إكسبو فقط، بل سيكون الإكسبو هو البوابة التي تدعو المملكة العالم من خلالها للدخول والتعرف على كامل مدينة الرياض وعلى شتى مناطق المملكة. فنسبة كبيرة من زائري إكسبو الرياض سيسعون لاستكشاف المملكة ويذهبون إلى مدينة الأحلام نيوم، وجزر البحر الأحمر الخلابة، والعلا الساحرة، وجدة العروس المتجددة، وعسير القمم والشيم، والشرقية عاصمة الطاقة والنخيل والإبداع.
استعداد مبكر، وخبرة تراكمية في المشاركة وتخطيط فعال
اكتسبت المملكة خبرة تراكمية في المشاركة في إكسبو عبر السنوات، فكانت أجنحتها احترافية وبمستويات مشرفة. ولكن أول إكسبو تشارك به المملكة بعد أن أصبحت عضوا في المكتب الدولي للمعارض كان في شانغهاي، واستطاعت أن تحقق نقلة نوعية فكان جناحها من أفضل 5 أجنحة بين أكثر من 200 دولة. وقد عزز ذلك النجاح الثقة وأدى بعد 10 سنوات إلى تحقيق نقلة نوعية أكبر في إكسبو دبي 2020 وقد توافق ذلك بأنها كانت المشاركة الأولى تحت إشرف وتوجيه عراب الرؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وكان سموه متابعا أدق التفاصيل في مراحل التخطيط والتصميم وتطوير المحتوى وزار الجناح وهو تحت الإنشاء، وشجع بكلماته الملهمة أعضاء فريق العمل واللجان المشرفة على الجناح. وكان لتوجيهات سموه ودعمه مفعول السحر، فقد حقق الجناح السعودي المرتبة الأولى بين جميع أجنحة الدول المشاركة، وكذلك حقق 3 أرقام قياسية في موسوعة غينيس، وكان محتواه الثقافي على درجة من الاتقان وكذلك مبناه الأيقوني المتميز بهندسته الشامخة والجريئة وتقنياته التفاعلية والغامرة. ومما يحسب للجناح السعودي في إكسبو دبي أنه أول جناح يكتمل إنجازه رغم صعوبات جائحة كورونا وما سببته للعالم من إغلاق ومصاعب لوجستية أثرت بشكل حاد على حياة الناس وعلى سير المشاريع في كل مكان. وتكللت أعمال الجناح السعودي بأن نشاطاته التشغيلية وبرامجه كانت تتم بكل براعة واقتدار من الشباب والشابات السعوديين.
ماذا ستقدم الرياض لإكسبو وماذا سيقدم إكسبو للرياض ؟
ستتطلب استضافة مدينة الرياض لإكسبو 2030 جهودا جبارة للتغلب على التحديات المرتبطة بتقديم نسخة استثنائية، وأن عدد الزيارات ستكون 40 مليون زائر من الرياض ومن المملكة ومن جميع أنحاء العالم على مدى 6 شهور. ولا شك أن الـ5-10 سنوات القادمة ستكون من أهم السنوات في تاريخ المملكة المجيد. ومن التصريحات اللافتة ما نقلته منصة نبض يوم 4 ديسمبر 2023 عن سمو الأميرة هيفاء بنت محمد آل سعود نائبة وزير السياحة أثناء مشاركتها في منتدى السعودية الخضراء في مؤتمر المناخ كوب 28 في دبي، إذ قالت إن “المملكة ستستثمر 92 مليار دولار في إكسبو لجعل الرياض إحدى أكثر المدن استدامة بحلول 2030.”
والدلائل تظهر أن العام 2030 سيكون عاما استثنائيا في المملكة، وأن إكسبو الرياض سيكون نقطة تحول جديدة نحو آفاق عالمية أعلى، وسيدشن حقبة جديدة في ابتكارات المعارض الدولية المستدامة وسيكون معيارا لما يليه، فهو أول نسخة من إكسبو سيتم تنفيذها بعد مرور 100 سنة على تأسيس المكتب الدولي للمعارض. كما أن إكسبو الرياض يتزامن مع بلوغ رؤية المملكة 2030 مداها الزمني، فسيكون خير تتويج لنهاية مرحلة وبداية أخرى في تطور المملكة وتحولاتها الريادية، كما أن التوجه نحو الاستدامة عبر مبادرة السعودية الخضراء قد قطع شوطا كبيرا، وستكون مدينة الرياض قد تحولت إلى عاصمة عالمية كبرى تزدان بمشاريع عملاقة وروائع لا مثيل لها مثل مشروع بوابة الدرعية، ومشروع القدية، ومشروع المربع، وحديقة الملك سلمان، ومطار الملك سلمان، والرياض الخضراء.
وسيقدم إكسبو الكثير فالعوائد المباشرة وغير المباشرة على مدينة الرياض وعلى المملكة لا تقدر بثمن. فهو بمثابة المحرك العملاق الذي سيولد الوظائف وسيتيح فرصا تطويرية لأن يرى العالم الثروة الشبابية السعودية الجبارة في الرياض والمناطق المحيطة، حيث ستؤدي تلك الثروة دورا رائدا في التخطيط، والتنفيذ، والإدارة، والتشغيل، والترحيب بملايين الزوار من شتى بقاع العالم وثقافاته. وسينتج عن الفوز بتنظيم إكسبو الرياض طموح متجدد لقطاعات متعددة، ومن أهمها قطاعات التعليم والبحث والابتكار وقطاعات النقل، بما فيها شركة طيران الرياض الجديدة، وكذلك جاهزية مطار الملك سلمان الذي سيكون عملاقا بطاقة استياعبية قدرها 120 مليون مسافر في السنة. ووستزدهر وتثمر قطاعات الضيافة والثقافة والترفيه والتصميم العمراني والإعلام التي ستنمو نموا متسارعا لتحقيق الجاهزية اللازمة لمدينة الرياض. على سبيل المثال، ستشهد الرياض إضافة أكثر من 100 ألف غرفة فندقية عما هو موجود حاليا. وسيعزز نمو تلك القطاعات بشكل متسارع تنوع الاقتصاد الوطني ويخفض اعتماده على الموارد الهيدروكربونية ويعزز جودة الحياة.
وسيسهم نجاح تنظيم الإكسبو في رفع تصنيف الرياض لتكون في الطبقة الأولى بين كبريات المدن والعواصم العالمية، كوجهة استثمارية وسياحية ترحب بالعالم وتحفل بفرص النمو والازدهار، وبالتالي تعزيز المكانة القيادية العالمية للمملكة، التي ستكون بإذن الله شريكا رائدا ومتفاعلا في صناعة مستقبل العالم فكريا وعلميا واقتصاديا واستثماريا ليكون عالما يسوده السلام والتعاون والتقدم والاستدامة. وكما قال عراب الرؤية سمو الأمير محمد بن سلمان فإن الشرق الأوسط سيكون بإذن الله أوروبا الجديدة، وستكون المملكة قلبا نابضا بالنمو والطموح للشرق الأوسط الجديد.