“ما يميّز هذه البلاد هو حرص قادتها على الخير والتشجيع عليه”. – خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله.
التجارة من أقدم الأنشطة التي مارستها البشرية، وقد تنوعت وتطورت مساراتها من تبادل السلع وتقديم الخدمات بين الناس إلى تلبية احتياجاتهم المختلفة في مختلف دروب الحياة. ومنذ القدم، كانت التجارة تحمل قيماً أخلاقية عميقة، تنبعث من الثقافة والتقاليد والبيئة التي نشأت فيها. وقد حاول الكثير من المفكرين في الحقبة الحديثة الربط بين ظهور نظام اقتصادي معين، بما يشمله من تجارة وصناعة وآليات لتنظيم العمل، وثقافة المجتمع وتقاليده الحاضنة له. فعلى سبيل المثال ناقش الفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر في كتابه الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية المنشور عام 1905، العلاقة بين العقيدة البروتستانتية وظهور الرأسمالية الحديثة في أوروبا، حيث قام بتحليل تأثير الإصلاح البروتستانتي على السلوك الاقتصادي والتنمية الرأسمالية في أوروبا، مؤكدًا على فكرة أن القيم والعقائد البروتستانتية، وبالأخص القيم الاجتماعية والأخلاقية التي تشجع على العمل الجاد والتوفير والكفاءة، ساهمت في تشكيل بنية الرأسمالية الحديثة. ومن خلال دراسة العلاقة بين البروتستانتية والرأسمالية، يسلط فيبر الضوء على كيفية تأثير القيم الدينية والثقافية على التطور الاقتصادي والاجتماعي في العالم الغربي، وكيف ساهمت في بناء النظام الرأسمالي الحديث وتشجيع روح المبادرة والابتكار والاستثمار في المجتمعات.
التجارة في الجزيرة العربية
إذا سرنا مع أطروحة فيبر على امتدادها، يمكننا القول أيضًا إن التجارة في الجزيرة العربية لم تكن مجرد نشاط اقتصادي، بل أسلوب حياة وثقافة. وبالتالي، انعكست قيم البيئة العربية (الصحراوية) على هذا النشاط التجاري، حيث ابتكر الناس قيمًا خاصة بهم نابعة من بيئتهم وثقافتهم تتمثل في التضامن والتعاون والكرم والصدق. كان التاجر العربي شخصية موثوق بها ولها مصداقيتها في المجتمع، حيث كانت تجارته مؤسسة على منظومته القيمية التي ترسخت فيه من بيئته بكل مفرداتها، فجاءت التجارة، بما تحمله من صدق في التعاملات، انعكاسًا طبيعيًا لها. وقد عرف الرسول الكريم بـ”الصادق الأمين”، قبل الرسالة وبعدها، ومن أسباب تلك التسمية ما عرف عنه من صدق وأمانة في البيع والشراء.
لم تكن الندرة التي ميزت البيئة الصحراوية في منطقة شبه الجزيرة، مقابل الوفرة في البيئات الأخرى، محدودة فقط على الجوانب الاقتصادية، بل تجاوزت ذلك لتؤثر بشكل كبير على النمط الحياتي والقيمي في المنطقة. فالظروف القاسية دفعت الأفراد إلى الاعتماد على بعضهم البعض وتبادل الموارد بشكل أكبر، مما أسهم في تعزيز روح التضامن والتعاون بينهم. في بيئة الصحراء، كان التجار يتشاركون الموارد ويساعدون بعضهم البعض في التغلب على التحديات التي كانت تواجههم، سواء كان ذلك في مجال النقل أو تأمين الماء والغذاء في الرحلات الطويلة عبر الصحاري القاحلة.
وعي الصحراء ونظام انتخابها
للأماكن شخصياتها الفريدة، وللصحراء وعيها الخاص! ففي صمتها المهيب، تُخفي الصحراء كنوزًا من القيم النبيلة التي صقلتها الطبيعة. وفي رمالها الذهبية، نكتشف مبادئ راسخة نشأت من رحم التحديات، راسمةً لوحةً أخلاقيةً فريدةً من نوعها. تُعلمنا الصحراء فنّ التكيف مع الظروف المختلفة، لا مكان للجمود فيها، بل للابتكار والبحث عن حلول ذكية تضمن البقاء والاستمرار. الصبر هو مفتاح النجاح في الصحراء، فرحلة التجارة عبر مساحاتها الشاسعة تتطلب صبرًا ومثابرة لا يقهران. التاجر الحق لا ييأس من التحديات، بل يُواجهها بعزيمة قوية وإيمان راسخ بقدرته على تحقيق أهدافه. كما تُشكل الأمانة والصدق جوهر القيم التجارية في الصحراء، ففي بيئةٍ تُعرف بِكرم ضيافتها، تُصبح الثقة عنصرًا أساسيًا لبناء علاقات تجارية مُستدامة. تاجر الصحراء يُدرك أن سمعته هي رأس ماله، ولذلك يُحرص على الوفاء بوعوده واحترام تعهداته. في بيئتها القاسية، لا يمكن لأحد أن ينجو وحيدًا، لذا كان محتمًا أن يُشارك تجاربه وخبراته مع الآخرين، مُؤمنًا بأهمية العمل الجماعي لتحقيق النجاح والازدهار.
وقد عمل النظام البيئي العربي في شبه الجزيرة بشكل تلقائي، من خلال منظومته القيمية الأخلاقية، على الفرز والانتخاب، بحيث استطاع أن يميز بين التاجر الذي يعمل وفق هذه المنظومة وذلك الذي يحاول خرقها، فالتاجر الذي يغش في اللبن والتمر، على سبيل المثال، لا محالة سيفشل أما ذلك الذي يتحلي بالفضائل فستكون له الغلبة؛ البقاء للأصلح والأكثر فضلًا.
بين القيم والقوانين
تختلف القيم الأخلاقية في التجارة عن القانون. فالقانون قد يغيب في بعض الأحيان، بينما تبقى القيم الأخلاقية حاضرةً في ضمير الإنسان ومحركة له، وتلك ميزة عظيمة جادت بها علينا بيئتنا قلما توجد في الأنظمة الأخرى التي يغلب عليها وتحركها قيم السوق وحسابات الربح والخسارة. التاجر العربي الأصيل الذي يتمتع بقيم أخلاقية عالية، لن يُقدم على الغش أو الخداع، حتى لو لم يكن هناك قانون يمنعه من ذلك. في البيئة التجارية التقليدية، قد يحدث التجاوز عن بعض القوانين أو قد تكون هناك فجوات قانونية، لكن قيمنا الأخلاقية شيء آخر، فقد كانت في أغلب الأوقات هي المحركة للتصرفات والقرارات التجارية. ولعلّ خيرَ مثالٍ على ذلك في وطننا العوائل الكبرى، تلكَ التي يشهد لها القاصي والداني بِمكارمِ الأخلاقِ التي توارثتها وورثتها عبر الأجيال. فهذهِ العائلات، التي تشكلُ عمودَ الاقتصادِ السعودي، تبرهن على أنّ النجاحَ الحقيقيَ لا يُقاسُ بالأرباحِ فقط، بل بالقيمِ والمبادئِ التي تُحكمُ عملَها. وقد ساهمت هذه العوائل، بمنظومتها القيمية، في بناءِ مجتمعنا المُتماسك، الذي تُحكمُهُ قيم التعاونُ والتضامنُ.
الاقتصاد المحمّدي والعمل غير الربحي
منذ فجر الإسلام، نُسجتْ خيوطُ القيمِ النبيلةِ في ثوبِ التجارةِ والاقتصادِ الإسلاميِ، فكانتْ رحلةٌ مُحمديةٌ تُنير دروبَ المؤمنين. فبالإضافة إلى القيم التي رسختها الصحراء في شبه الجزيرة العربية لدى أهلها، جاء النبي الكريم ليتوج هذه القيم من خلال منظومةٍ متكاملةٍ من المبادئِ الإسلاميةِ النبيلةِ. وقد ترك النبي الباب مفتوحًا أمام أي شكل اقتصادي يعمل على تحقيق هذه المنظومة ويعضدها. من أهمِّ معالمِ هذاِ النظام الاقتصادي الفريد: العدالةُ الاجتماعية، والتكافلُ، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، بالإضافة إلى المسؤوليةُ الاجتماعيةُ بحيث تعود التجارة بالنفعِ على المُجتمع وترتقي به نحو حياة طيبة. كل هذا جنبًا إلى جنب مع قيم أخرى مثل الاستهلاكُ المسؤول، ومحاربةُ الفسادِ بكلِّ أشكالهِ، وحق الأفرادِ في العملِ والمُلكيةِ الخاصةِ، وحفظ البيئة…إلخ. مُجملُ القولِ، يُمثّل الاقتصادُ المحمديُّ نظامًا فريدًا يُحقّقُ التوازنَ بينَ التنمية الاقتصاديةِ والعدالة والقيمِ الأخلاقية، لبناءِ مجتمعٍ مُزدهر يُوفّرُ حياةً كريمةً لأفراده.
وفق هذه المنظومة الاقتصادية الفريدة يمكن النظر إلى الأعمالُ غيرُ الربحيةِ بوصفها المثال الأرقى الذي يجسد مبادئها. فوفق تعريفها يشير نموذج العمل غير الربحي إلى تلك المنظمات التي تعملُ على تحقيقِ أهدافٍ اجتماعيةٍ أو إنسانيةٍ أو ثقافيةٍ أو بيئيةٍ دونَ السعيِ لتحقيقِ ربحِ ماديِّ مباشر. وتلعبُ هذهِ الأعمالُ دورًا لافتًا في المجتمعِ من خلالِ تقديمِ الخدماتِ الأساسيةِ لمن يحتاجها، ودعمُ التنميةِ المستدامةِ، وتعزيزُ التكافلِ الاجتماعيِّ، ونشرُ الوعيِ والثقافةِ، ودعمُ الابتكارِ والإبداعِ، وتعزيزُ الحوارِ والتفاهمِ بينَ الثقافاتِ. كما تُساهمُ الأعمالُ غيرُ الربحيةُ في خلقِ فرصِ العملِ وتحفيزِ الاقتصادِ، وتُمثّلُ شريكًا أساسيًا للحكوماتِ في تحقيقِ التنميةِ الشاملةِ للمجتمعِ.
من هذه الناحية تتوافقُ قيمُ الأعمالِ غيرِ الربحيةِ بشكلٍ كبيرٍ معَ قيمِ الاقتصادِ المحمديِّ، حيث تسعى الأعمالُ غيرُ الربحيةُ إلى تحقيقِ العدالةِ الاجتماعيةِ من خلالِ تقديمِ الخدماتِ للجميعِ دونَ تمييزٍ، كما تُلتزمُ الأعمالُ غيرُ الربحيةُ بالمسؤوليةِ الاجتماعيةِ عبر تقديمِ خدماتٍ عاليةِ الجودةِ بكفاءةٍ وفعاليةٍ، إضافة إلى الشفافيةِ والأمانةِ والصدقِ في جميعِ تعاملاتِها، وهي نفسها الصفات التي رسخها الاقتصاد المحمّدي فضلًا عن البيئة العربية الصحراوية.
من محمد بن عبدالله إلى محمد بن سلمان
اليوم، وفي ظلِّ قيادةٍ حكيمةٍ شابّةٍ، تُبعثُ هذهِ الرحلةُ المُحمديةُ من جديدٍ في وطننا الحبيب. فمع سعي صاحبِ السموِ الملكي وليّ العهد الأميرِ محمد بن سلمان لتنويعِ مصادرِ الدخل وتحقيق رؤية 2030، لم يُغفلُ سموه القيم النبيلةَ التي غرسها تراثنا الفريد في نفوسِ أصحابه، بل عمل بكل دأب على الحفاظ عليها وترسيخها.
كانت البداية بمؤسسة محمد بن سلمان مسكَ، التي نسجت خيوطُ الرحمة والعطاء لتُغطي بدعمها أرجاءَ الوطن، وتُقدمُ مشاريعَ عملاقةً تُنير دروبَ الطامحين وتُعزّزُ أواصرَ المُجتمعِ. ثم في عام 1440 هجري، صدر قرار مجلس الوزراء رقم (459) بإنشاء المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، إيمانًا من قيادتنا الرشيدة بأهميةِ هذا القطاعِ ودورهِ في تحقيقِ التنميةِ المستدامةِ، ليصبح المركز بمثابة وزارةٌ للتجارةِ تُشرّفُ على الأعمالِ غير الربحية وتُنظمُها. ولضمانِ نجاحِهِ في تحقيقِ أهدافِهِ، يُتعاونُ المركزُ مع كافةِ شركائهِ من الجهاتِ الحكوميةِ، والمنظماتِ غيرِ الربحيةِ، والشركاتِ، والأفرادِ، إدراكًا منهُ بأهميةِ العملِ الجماعيِّ والشراكةِ الفاعلةِ لتنميةِ هذا القطاع الحيوي الذي هو جزء رئيس من رؤية 2030.
وتُشيرُ الإحصائياتُ إلى أنّ المملكةَ العربيةَ السعوديةَ تسيرُ بخطى ثابتةٍ نحوَ تحقيقِ أهدافِها في مجالِ القطاعِ غيرِ الربحيِّ، حيثُ تستهدفُ المملكةُ زيادةَ عددِ المنظماتِ غيرِ الربحيةِ بنسبةِ 124% بحلولِ عامِ 2025، ورفعَ نسبةِ المنظماتِ غيرِ الربحيةِ المتخصصةِ التي تدعمُ الأولوياتِ التنمويةِ المستهدفةِ إلى 80%، مع زيادةَ مساهمةِ القطاعِ في الناتجِ المحليِّ الإجماليِّ إلى 0.58%.. وقد بلغ عدد الجمعيات الأهلية في السعودية حتى العام الحالي 3540 جمعية بالإضافة إلى 4232 لتحتل بذلك السعودية مركزًا متقدمًا على المستويين العربي والعالمي في تطويرِ القطاعِ غيرِ الربحيِّ وجعلهِ شريكًا أساسيًّا في تحقيقِ التنميةِ المستدامةِ.
وصية صفية
لطالما علَّقت دعوة أمي: “الله يسخّر لك عيال الحلال” في ذهني، تُنير لي دربي في رحلة حياتي المهنية الممتدة على مدار 18 عامًا. “عيال الحلال”، ما أجمله من وصف يلخص كل القيم الأخلاقية التي يمكن أن يتحلى بها المرء في هذا العالم.
غير أن هذا الدعاء الصادق تصاحبه وصية دائمًا، خاصة عندما أخبرها أنني على وشك الدخول في شراكة جديدة أو الشروع في عملٍ ما: “لا تعمل إلا مع اللي يخاف الله”. عيال الحلال إذن هم من يخافون الله. هذا الاستدلال، على بساطته، ليس إلا فلسفة تجارية عميقة، حاولت قدر حدودي البشرية أن أطبقها، حتى وإن لم يصادفني الحظ أحيانًا.
ولأن “الخوف من الله” يُمثل ميثاقًا أخلاقيًا شاملًا، فإنه لا يشير فقط إلى التزام الشخص بمبادئ التجارة السليمة، بقدر ما يشير إلى تمثله للقيم الأخلاقية بشكل عام في حياته. لهذا كان إيماني الراسخ بأن قيم التجارة لا تنفصل عن القيم الإنسانية والأخلاقية. ولهذا أيضًا كنت دائمًا ما اتحرى مؤشرات التقوى فيمن أتعامل معهم، فالتاجر الذي يخشى الله، سيكون حريصًا على الصدق والأمانة في تعاملاته، وسيكون مُنصفًا في معاملاته مع جميع الأطراف، محكمًا لضميره وواجبه الأخلاقي الداخلي. ساعدتني وصية أمي على تجنب العديد من المواقف الصعبة، وجعلتني التمس “عيال الحلال”، الأتقياء، في حياتي المهنية والتجارية.
غير أن إيماني بأن قيم التجارة لا تنفصل عن القيم الإنسانية والأخلاقية، كان دافعًا قويًا لخوض غمار العمل التطوعي في مرحلةٍ مبكرة من حياتي. ففي العشرينيات من عمري، التقيت بالدكتور نجيب الزامل -رحمه الله-، عرَّاب الأعمال التطوعية، تتلمذت على يديه وكنت عضوًا في مجلس التطوع الذي يرأسه. وقد أكسبتني هذه التجربة خبرة عميقة في هذا المجال، بالإضافة إلى يقين راسخ بنبل رسالته ودوره الرئيس في خدمة الوطن.
وفي عام 2011، حظيت بشرف لقاء سمو وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله. ليصبح هذا اللقاء نقطة تحول شاملة في حياتي، حيث ألهمني سموه برؤيته الثاقبة لخدمة هذا البلد الأمين من خلال عدستي السينمائية. وقد ترك اللقاء أثرًا عميقًا في نفسي، فقد غرس في وجداني إيمانًا راسخًا بأهمية العمل غير الربحي وكيف يمكن أن يكون أداة قوية للتغيير الإيجابي، وأن لكل منا دوره في خدمة وطننا حسب موقعه.
منذ ذلك الحين، ازدادت قناعتي بأهمية العمل غير الربحي في تغيير حياتنا. ومن هنا كان حلم تأسيس مؤسسة غير ربحية من يراودني ويلحّ عليّ من وقت لآخر. ومع ذلك كنت انتظر الوقت المناسب، والمناخ الملائم، الذي يسمح لي بتسخير طاقتي وقدراتي لخدمة هذا القطاع. وأعتقد أن هذا الوقت قد حان بفضل الروح التي بثّها سمو وليّ العهد في هذا القطاع، الذي يعمل مركز تنمية القطاع غير الربحي بكل دأب على تجسيدها وتعضيدها من خلال فريق عمله المتميز ومجلس إداراته الحكيم.
لهذا يسعدني اليوم أن أعلن عن مؤسسة “انات” للعمل غير الربحي التي ننوي بها المساهمة في بناء وعي شخصي قوي يعزز التنمية الفردية، بالإضافة إلى تعزيز التفاهم والتعايش الإيجابي داخل المجتمع، والمساهمة في تحقيق تحول بناء يبدأ من الداخل السعودي ويصل إلى العالم من خلال التركيز على القضايا الحيوية المشتركة التي تمسّ الوجود الإنساني.
وامتنانًا لدعاء أمي صفية ودورها المُلهم في حياتي وحياة الكثيرين، سيُصبح “مشروع صفية” جزءًا لا يتجزأ من مؤسسة “انات”. وسيهدف المشروع إلى بثّ روح القرآن الكريم في قلوب الأجيال، وتعزيز الوعي بأهميته من خلال لوحات فنية إبداعية ومقالات ومرئيات معرفية متنوعة.
في خطواتِ وليّ العهد الملهمة نرى مبادئ الإسلامِ السمحة، ونتلمس آثار رحلةً مُحمديةً تُعيدُ إحياءَ القيمِ النبيلة في عالمِ الأعمالِ والتجارةِ. رحلةٌ تُؤسّسُ لمستقبلٍ مُزدهرٍ تُبنى فيهِ جسورُ الخيرِ وتتوج فيه المملكة برسالتَها الإنسانيةَ العظيمةَ.
أخيرًا، من قلب الصحراء، انبثقت حضارتنا العريقةٌ والغنيةٌ بالقيمِ النبيلةِ، حضارة تُعلي من شأنِ التضامن والتآزرِ، وتُؤسس لمجتمعٍ مُتماسك تحكمُهُ الأخلاق لا قوانينُ السوق. لهذا فإن سعودية اليوم، بقيادة سمو وليّ العهد، قادرة بهذا الموروث القيمي الأصيل على تقديم نموذج اقتصادي فريد من نوعه، وسط أنظمة اقتصادية قائمة على تحكيم قيم رأس المال فقط، حيثُ ستقدم للعالمِ أجمع اقتصادًا محكومًا بقيمٍ أخلاقيةٍ تُعلي من شأنِ الإنسانِ، وتُحافظُ على كرامتهِ، وتُشجعُ على التعاونِ والتضامنِ بين جميعِ أفرادِ المجتمعِ.
نعم، يمتلك وطننا تلك الإمكانيات الفريدة، وسيتمكن في زمنٍ قياسي، بقيادته الحكيمة وشعبه المخلص وموروثه العربيّ الأصيل، من تحقيقِ هذهِ الرؤيةِ الطموحةِ، وكتابةِ تاريخٍ جديدٍ للعالَم.