مقاربةٌ ماركسيَّة لعلاج التحليل النفسيّ | مارك شوفاني

تستغرق 6 دقائق للقراءة
مقاربةٌ ماركسيَّة لعلاج التحليل النفسيّ | مارك شوفاني

يقوم العلاج النفسي (psychotherapy)، في التحليل النفسي (psychoanalysis)، بحسب مؤسِّسه سيغموند فرويد (1856 – 1939)، على عملية الانتقال من حالة اللاوعي إلى حالة الوعي. لكن هل يكفي الوعي لتغيير الواقع نحو الأفضل؟ إنّ وظيفة العلاج هي تحسين حالة الشخص، ومن ثمّ تغيير واقعه كما يحصل جرّاء علاج الإنسان من شلَلٍ في أطرافه ليكتسب قدراتٍ جديدة ويختبر الحياة بطريقةٍ مختلفة عن السابق.

في هذا المقال، سأجادل بأن وظيفة الوعي هي جعل التغيير ممكنًا، ولكن الوعي لا يجعل التغيير واقعيًّا. هذه النظرة مبنية على قراءةٍ فلسفية ماركسية للتحليل النفسي، وتحديدًا مشابهة بين دور الوعي في تغيير الواقع الاجتماعي عند ماركس ودور الوعي في تغيير واقع الإنسان الحياتيّ في التحليل النفسي.

بحسب كارل ماركس (1818 – 1883)، إنّ التغيير على مستوى الوعي الجماعي لا يغيّر الواقع الاجتماعي السياسي؛ ولذا علينا تغيير نمط النشاط الإنتاجي لكي نصِل إلى النتيجة المرجوَّة. إنّ وعي الطبقة العاملة على الاستغلال الحاصل لها في النظام الرأسمالي لا يكفي للوصول إلى نظامٍ اجتماعي جديد، لكن وظيفة الوعي هي فتح الباب أمام التغيير الفعلي للواقع الاجتماعي. إذا حاولنا تطبيق هذا المنهج الماركسي على دور الوعي في العلاج النفسي، لتوصَّلنا إلى النتيجة التالية: في حال أصبح لدى الإنسان الوعي للأحداث التي حصلت في طفولته، كالصدمات النفسية مثلًا، فهذا الوعي لن يلغي تأثير تلك الأحداث على حاضره ومستقبله. إنّ الوعي الناتج عن علاج التحليل النفسي يمنح الإنسان إمكانية تغيير واقعه، فلا سبيل للتغيير من دون الوعي، لكنه لا يكفي للتحكّم بعوارض الخبرة اللاواعية وتأثيرها على حياته. بالإضافة إلى ذلك، وانطلاقًا من تمييز ماركس بين وعي المُمارسة والوعي المنفصِل عن المُمارسة، سوف أناقش دور نمط الممارسة الحياتية في تغيير واقع الإنسان.

اللاوعي من هيجل وماركس إلى فرويد

يقسِّم فرويد النفس (psyche)، إلى الوعي (conscious)، وما قبل الوعي (preconscious)، واللاوعي (unconscious). وذلك في الجزء الأول من ورقته: «الأنا والهو» (The Ego and the Id)، التي نُشرت للمرّة الأولى عام 1923 (Freud, 1962). يصرّح فرويد بأن الوعي يقوم بشكلٍ أساسي على الإدراك في التجربة الحسِّيّة، أيّ حين نكون في حالة وعيٍ بأننا ننظر لشيءٍ ما أو نسمع صوتًا. ثمّ يشير إلى أنّ التجارب أثبتت أنّ العناصر النفسية، كالفكرة مثلًا، لا يمكن أن تستمر في حالة الوعي. مما يعني أنّ حالة الوعي غير ثابتة، فالفكرة التي تكون في حالة الوعي لوقتٍ معين تتوقف عن كونها في هذه الحالة في وقتٍ لاحق، ثمّ يمكن أن تعود مجددًا إلى حالة الوعي. وحين لا تكون الفكرة في حالة الوعي، فهي تكون كامنة (latent) أو في حالة ما قبل الوعي، والمقصود بذلك أنّ لدى الفكرة الإمكانية والقدرة أن تصبح في حالة الوعي. إنّ حالة ما قبل الوعي هي بالنهاية جزء من اللاوعي، لكن فرويد يحصر تعبير «اللاوعي» للعناصر النفسية المكبوتة (repressed) والتي لا يمكن أن تصبح في حالة الوعي إلّا عبر العلاج النفسي. الكبت يظهر في المقاومة التي يقوم بها الشخص خلال العلاج النفسي الذي يحاول من خلاله المُعالِج أن يحرِّر العناصر النفسية المكبوتة لتصبح في حالة الوعي.

في الجزء الأوّل من الورقة المذكورة، ينتقد فرويد الفلاسفة بأنهم لا يعتبرون الأفكار المكبوتة كعناصر نفسية. ويقصد بذلك أنهم لا يعرفون تأثير الأفكار المكبوتة على الإنسان، بل يعتبرونها مجرد أفكار منسيَّة لا تأثير لها على الإطلاق. إنّ هيجل (1770 – 1831)، وماركس لم يستخدما تعبير «اللاوعي»، لكن مفهوم اللاوعي حاضر في عمق فلسفتيهما. تقوم الجدلية الهيجلية، كما يقدّمها هيجل في كتابه: «فينومينولوجيا الروح» (The Phenomenology of Spirit)، على تفاعل الذات المعرفية مع الشيء المعرفي. يجمع هيجل مراحل هذه الجدلية تحت عناوين أقسام الكتاب: الوعي، الوعي الذاتي، العقل، الروح، الديانة، والمعرفة المُطلقة. وتنطلق الجدلية من عدم التطابق بين ما تتلقّاه الذات المعرفية عن الشيء المعرفي وما تقدِّمه الذات كمفهوم للشيء المعرفي، كعدم التطابق بين الطاولة كما ندركها عبر الحواسّ ومفهوم الطاولة الذي ينتج عن الوعي.

لذا، يقدّم الوعي في مراحل الجدلية الهيجليّة مفاهيم جديدة للشيء المعرفي؛ بهدف الوصول إلى التطابق بين الشيء والمفهوم. وفي كل مرحلة يتّخذ الوعي لذاته شكلًا جديدًا يتألَّف من الشيء والمفهوم في حالةٍ أقرب إلى التطابق مقارنةً بالمرحلة السابقة من الجدلية. ففي كل مرحلة، يختلف الشيء المعرفي الجديد عمَّا كان في المرحلة السابقة، ويصبح المفهوم والشيء الجديدين أقرب إلى التطابق. يقول هيجل إنّ ظهور الشيء الجديد يحصل دون أن يعرف الوعي كيفية حصوله (Hegel, 61). إنّ الشيء والمفهوم، كلاهما داخل إطار الوعي، إذ إنّ الشيء بالنسبة لهيجل هو إدراك الوعي للشيء وليس الشيء المستقلّ عن الوعي، والمفهوم هو نتاج الوعي في محاولته فهم الشيء المعرفي. لذا، إن الجدلية الهيجليّة التي تحصل في الوعي الإنساني، ترتكز على نشاطٍ معيّن يقوم به الوعي دون أن يعرف كيفية حصوله. وفي هذا نرى مفهوم اللاوعي عند هيجل حيث أنّ الوعي بحد ذاته لا يَعي كامل نشاطه المعرفي.

سار ماركس على خُطى هيجل -الذي جعل من الواقع نتيجة نشاط الوعي-، وجادل بأن الواقع الاجتماعي ناتج عن النشاط الإنساني المُنتِج. إنّ تفسير ماركس لهيجل يقوم على قراءة كتاباته بطريقةٍ تتوافق مع تتابعها الزمني. بعد كتاب فينومينولوجيا الروح، كتب هيجل في علم المنطق وفلسفة الطبيعة، لذا يصرِّح ماركس في مخطوطات العام 1844، أنّ الطبيعة بالنسبة لهيجل هي مجرد شكلٍ للفكرة وليست إلّا تأكيدًا لما يتوصَّل إليه الوعي الجماعي (Marx 1974, 146). وبهذا يمكن تعريف المثالية (Idealism) الهيجليّة، أيّ، أن جوهر العالم فكرة (Idea). وهنا يكمن وجه الشبه الأساسي بين المثالية الهيجليّة والمادية الماركسيّة، حيث أنّ النشاط الإنساني هو مصدر الواقع، ففي حين يقول هيجل إنّ مصدر الواقع هو نشاط الوعي الجماعي، يجادل ماركس على أنّ الواقع الاجتماعي هو نتاج النشاط المادي الجماعي. إلّا أنّ هذا النشاط المادي، أيّ العمل (labour) أو الإنتاج الاجتماعي (social production)، يشمل بدوره نشاط الوعي الإنساني.

إنّ النشاط الإنتاجي يشكّل العلاقات الاجتماعية التي تتمحور حول علاقات الإنتاج، وما الواقع الاجتماعي بالنسبة لماركس سوى مجموعة من العلاقات الاجتماعية القائمة على الإنتاج الجماعي. إنّ نمط الإنتاج الخاص بكل حقبة من تاريخ البشرية أنتج نظامًا اجتماعيًا معينًا، كالعبودية والإقطاعية والرأسمالية. ورأس الكلام هنا أنّ النشاط المادّي يتضمّن قسطًا من اللاوعي، فيصف ماركس النشاط في ظلّ النظام الرأسمالي قائلًا: “إنّ الإنسان يقوم بأعمالٍ دون وعيٍ منه لما يفعله” (Marx 2000, 475). ويقصد ماركس بقوله هذا أننا نقوم بإنتاج السِّلع وشرائها دون أن نَعي أنّ بفعلنا هذا نساوي بين أنواع العمل المتعددة بطريقةٍ كمّيّة، أيّ، أننا نتعامل مع النوعيات المختلفة للنشاط الإنساني وكأنها مصدرًا واحدًا لقيمة السِّلع. وفي ظلّ هذا الاختزال الكمّي لأنواع العمل، يتساوى عمل الزراعة وعمل الهندسة على أساس أنّ كلاهما يعطي القيمة المادية للمنتجات. ويدلّ هذا اللاوعي في النشاط الإنساني على صعوبة التحكّم في الواقع الاجتماعي، وتحديدًا صعوبة تغيير نمط الإنتاج، لأن التحكّم بالشيء يشترط المعرفة والوعي.

تغيير الواقع عند ماركس

بالنسبة إلى ماركس، حصل الانتقال من مجتمع العبودية إلى مجتمع الإقطاعية؛ عبر تغيير نمط الإنتاج، وكذلك انتقلنا من الاقطاعية إلى الرأسمالية. لذا، إن تغيير التركيبة الاجتماعية يتطلّب تغيير نمط الإنتاج، أيّ، أن النظام الرأسمالي سينتهي مع انتهاء النمط الإنتاجي الرأسمالي. إذن، «الوعي الطبقي» الذي يتكلّم عنه جورج لوكاش (1885 – 1971)، في كتابه: «التاريخ والوعي الطبقي» (History and Class Consciousness)، لا يكفي لتغيير النظام الرأسمالي. إنّ النظام الرأسمالي قائم على الطبقة العاملة التي تقوم ببيع قدراتها في سوق العمل مقابل الأجر، والطبقة الرأسمالية التي تمتلك أدوات الإنتاج وتقوم بدفع الأجور للطبقة العاملة. يعرّف لوكاش الوعي الطبقي بأنه الوعي الذي تكتسبه الطبقة العاملة بأنه يمكنها الانتفاض على الاستغلال الحاصل لها في ظلّ النظام الرأسمالي، وبأن دورها التاريخي هو تغيير هذا الواقع (Lukács, 73). لكن هذا الوعي بحدّ ذاته لن يحقِّق التغيير المنشود؛ إذ أنه يسمح للطبقة العاملة أن تعرف دورها التاريخي فقط. إنّ تغيير النظام الحالي يتطلّب تغيير نمط الإنتاج، وتجعل هذه الخطوة العملية التغيير واقعيًا.

يميّز ماركس بين وعي المُمارسة والوعي المُستقل عن المُمارسة (Marx, Selected Writings 184). يرتكز مفهوم الممارسة عند ماركس على الإنتاج، ويشمل أيّ نشاط إنتاجي كنشاط النّجار الذي يُنتج الطاولة، ونشاط العلماء والفلاسفة الذي يُنتج النظريات، ونشاط المجتمع الذي يثور ليُنتج نظامًا اجتماعيًا جديدًا. إنّ الوعي المستقلّ عن الممارسة يتمثّل في النظريات التي لا تأخذ بعين الاعتبار البُعد الاجتماعي، ما يجعلها منفصِلة عن الواقع. على سبيل المثال، يجب على دراسة الأشياء كالطاولة والشجرة أن تشمل البُعد الاجتماعي الذي تحمله هذه الأشياء، كأنشطة الزرع والتجارة والنجارة التي قام بها المجتمع؛ كي نرى أمامنا هذه الطاولة وتلك الشجرة. ويعود هذا الوعي المنفصِل عن الممارسة بحسب ماركس، إلى التقسيم الحاصل بين العمل اليدوي والعمل العقلي، أيّ، حين يميّز المجتمع بين عمل المزارع اليدوي وبين عمل المفكِّر النظري، في الرياضيات أو الفلسفة مثلًا، ويقوم بإعطاء القيمة والأهمية الأكبر للنشاط الفكري مفضّلًا إيّاه على النشاط اليدوي.

«يصبح تقسيم العمل حقًا كذلك فقط من اللحظة التي يظهر فيها تقسيم للعمل اليدوي والعقلي. من هذه اللحظة فصاعدًا، يمكن للوعي أن يملّق نفسه حقًا بأنه شيءٌ آخر غير وعي المُمارسة القائمة، وأنه يمثّل حقًا شيئًا دون تمثيل شيءٍ واقعيٍ؛ من الآن فصاعدًا، يكون الوعي في وضعٍ يسمح له بالتحرّر من العالم والمضيّ قُدمًا في تشكيل النظرية “النقيّة”، اللاهوت، الفلسفة، والأخلاق، إلخ» (Marx, Selected Writings 184).

غالبًا ما يتمّ تعديل النظريات بعد الخبرة العملية، كنظريات العلوم التجريبية التي تعتمد في تطوّرها على التجارب التي تحصل في المختبرات. ويعود سبب التعديل هذا إلى اختلاف الوعي الذي نكتسبه عبر الاختبار العملي عن الوعي الذي ينتج عن النشاط الفكري البحت. ويبقى الأهمّ عند ماركس، أنّ الوعي الطبقي يأتي من المُمارسة الثورية، أي من النشاط العملي الذي يتمحور حول تغيير نمط الإنتاج. فلا يكفي الوعي الناتج عن التثقيف النظري للطبقة العاملة عن دورها في تغيير الواقع الرأسمالي، بل عليها اكتساب الوعي الناتج عن ممارسة تعديل نمط الإنتاج. لذا، إنّ الوعي المُنفصل عن المُمارسة يفتح المجال أمام التغيير، ووعي المُمارسة يُكتسَب في ظلّ العمل على تغيير الواقع، لكن تغيير الواقع يحصل نتيجة النشاط العملي فيما يخصّ نمط الإنتاج، أيّ، على صعيد المُمارسة.

تغيير الواقع في علاج التحليل النفسي

إنّ واقع الإنسان الحياتيّ يشمل طريقة تعامله مع ذاته والآخر، وطبيعة علاقاته مع العائلة والأصدقاء والزملاء والحيوانات وكل ما من حوله، كما ثقته بذاته ونوعية التواصل العاطفي والفكري التي يمارسها مع الآخر، وإلى ما هنالك من عوامل تشكّل واقعه. يهدُف علاج التحليل النفسي بشكلٍ أساسي إلى تغيير واقع الإنسان نحو الأفضل من خلال علاجه من أيّ اعتلالٍ نفسي، كاضطراب الشخصية أو الاكتئاب مثلًا. ويجدر بالذكر أنّ العلاج النفسي يمكن أن يفيد الإنسان الذي لا يعاني من اعتلالٍ أو اضطرابٍ نفسيّ معيّن، من خلال تحسين شخصيته وتواصله مع ذاته وتعامله مع الآخر. لذا، يهدف العلاج إلى تحسين واقع الإنسان بشكلٍ عام، ولكن وظيفة العلاج تكون أوضح حين نتعامل مع اعتلال نفسيّ محدّد. وبما أنّ الاعتلال ينتج عن النزاع الحاصل بين الوعي واللاوعي، فالعلاج يبدأ عبر استرجاع الأفكار المكبوتة في اللاوعي إلى حالة الوعي.

إنّ استكشاف مصدر الاعتلال لا يلغي تأثيرات هذا المصدر على الإنسان. فإذا اكتشف الإنسان ما حدث في طفولته من صدماتٍ جعلته مكتئبًا، هذا الوعي لن يجعله يتخلّص من اكتئابه ليصبح سعيدًا، ولن يلغي تأثير تلك الصدمات النفسية عليه. كما أنه إذا أدرك الإنسان نوعية العلاقات التي جمعته في فترة طفولته مع الأهل والمربّين، وتأثير ذلك على نوعيّة علاقاته وصداقاته في فترة البلوغ، هذا الوعي لن يلغي تأثيرها على علاقاته المستقبلية. فالعلاقات التي ربطت الطفل بعائلته تجعله أسير لأنماطٍ معينة من العلاقات يصعب الخروج منها. لذلك، علمًا أنّ الوعي خطوة أساسية في العلاج، إلّا أن التغيير يحصل بعد خطوة عمليّة غالبًا ما تكون تغيير في السلوك. فإذا غيّر المصاب بالاكتئاب سلوكياته كمكان السّكن والعمل والاهتمام بأمور تفرحهُ وتعزّز صحته النفسية، سوف يلتمس التغيير واقعيًا ويخفّف من حدّة اكتئابه؛ ما ينعكس على جميع جوانب حياته. وإذا اختار الإنسان أن يصادق ويبني علاقات مع أشخاص مختلفين عمَّا اعتاد أن يخالط، سوف يتحرّر من أنماط العلاقات التي كان مصدرها العلاقات غير الصحيّة التي اختبرها في الطفولة. فالوعي عن مصدر النمط في العلاقات لا يؤثّر على كونه نمطًا يصعب التخلّص أو الخروج منه، لكن يسمح لنا أن نذهب نحو الخطوات العملية التي تجعلنا نبني علاقات لم نختبر مثلها سابقًا. إنّ الوعي المرافق للتغيير السلوكي يتمثّل بمنح الإنسان نظرة جديدة عن ذاته وقدراته وواقعه. لذا، المصدر الأساسي لتغيير الواقع هو خلق نمط جديد للسلوك الحياتيّ يترافق مع وعيٍ متجدّد.

الخاتمة

إنّ وعي المُمارسة عند ماركس مشابه للوعي الذي ينتج عن اختبار جديد في السلوك الحياتيّ. أمّا تغيير نمط الإنتاج كمصدر لتغيير النظام والواقع الاجتماعي فهو مشابه للتعديل في السلوك بهدف تغيير الواقع الحياتيّ للإنسان. ويجدر بالذكر أنّ الوعي الطبقي يسبق تغيير نمط الإنتاج عند ماركس، كما أنّ الوعي الناتج عن العلاج في التحليل النفسي هو بداية تغيير الواقع الحياتيّ نحو الأفضل. يمكن للعلاج في التحليل النفسي أن يستمر لسنواتٍ عديدة، رغم أنه يهدف فقط إلى الخطوة الأولى نحو التغيير الواقعي، أو نحو العلاج الفعلي للاعتلال النفسي. لذا، وما يدعم هذه القراءة الماركسية للعلاج في التحليل النفسي، هو اتجاه العديد من المعالجين التحليليين نحو المدرسة السلوكية (Behaviorism) التي أسَّسها جون برودوس واطسون (1879 – 1958)، بكونها تعتمد في طرق علاجها على السلوك أكثر من العلاقة بين الوعي واللاوعي.

المراجع

Freud, Sigmund. The Ego and the Id. W.W. Norton, New York, 1962.

Hegel, Georg W. F. Georg Wilhelm Friedrich Hegel: The Phenomenology of Spirit. vol. 55, edited and translated by Terry P. Pinkard, Cambridge University Press, Cambridge, United Kingdom, 2017; 2018.

Lukács, George. History and Class Consciousness: Studies in Marxist Dialects. Translated by Rodney Livingstone, MIT Press, Cambridge, 2000.

Marx, Karl. Economic and Philosophic Manuscripts of 1844. Progress Publishers, Moscow, 1974.

Marx, Karl. Karl Marx: Selected Writings. Edited by Davis McLellan, Second ed., Oxford University Press, Oxford, 2000.

مررها   كن جزء من مجتمع مرّرها اشترك بنشرتنا.