تقرير ملتقى الترجمة الدوليّ 2023: لمحتوى عابر للثقافات | بلقيس الأنصاري

تستغرق 8 دقائق للقراءة
تقرير ملتقى الترجمة الدوليّ 2023: لمحتوى عابر للثقافات | بلقيس الأنصاري

«القيمة السُّوقيَّة لقطاعِ الترجمة تُقدَّر بـ 69 مليار دولار». – د. هيلة الخلف 

لِمَا للترجمة من دورٍ بنَّاء في مدِّ جسور التواصل الثقافي والحضاري بين الشعوب ومختلف الثقافات على مرِّ التاريخ، واستجابةً لتحقيق رؤية المملكة 2030، ولمستهدفاتِ وزارة الثقافة بقيادة سموّ الوزير الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، حفظه الله؛ نظَّمت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» -في مدينة الرياض-، النسخة الثالثة لـ ملتقى الترجمة الدوليّ 2023، بعنوان: «لمحتوى عابر للثقافات». وذلك بتاريخ 3 – 4 نوفمبر 2023، في مقرِّ جامعة الملك سعود بـ (قاعة الاحتفالات والمعارض – قسم الطالبات). 

الجلسات الحواريَّة 

بحضور عددٍ من الخُبراء والمتحدِّثين المحليين والدوليين ناقشت الجلسات الحوارية والمحطات الترجمية التابعة لها بدايةً السِّمات الثقافية المُشتركة بين اللغات الشرقية بغضّ النظر عن تقسيماتها كـ الساميَّة… ونحوها، بجانب دور تأثيرها الحضاري والثقافي في إثراء الترجمة، كما تقول د. نبيلة يون أون كيونغ: «ترسيخ المعرفة بين اللغات الثقافية من خلال الاهتمام بالثقافة عند الترجمة؛ يساهم في تطوير علم الترجمة». 

وأيضًا أهمية التبادل الثقافي المحليّ والدوليّ من خلال نقل القصة السعودية إلى العالم عن طريق الترجمة. لكن يجب أن نَعي أنّ التميّز في مجال الترجمة يحتاج إلى المزيد من الشغف؛ لأنّ «التخصّص في مجال الترجمة يجب ألاّ يكون في النصوص فحسب، بل يجب -وهذا الأهمّ- أن يكون في القطاعات الأكثر حيويَّة، التي تخدم رؤية المملكة 2030، كـ السياحية، التجارية، الثقافية… إلخ»، كما ذكر أ. بندر السفير. 

بجانب أهمية الاستثمار في «الذكاء الاصطناعي» في مجال الترجمة؛ لتوفيره لـ الجهد والوقت والمال. ولا يجب التخوّف من أن تحلَّ التقنية محلَّ الإنسان؛ لأنّ «كلّ تقنية لها وظيفتها التي تتولَّد منها وظائفها الخاصة»، كما يرى أ.د. فايز الشهري؛ لذا من المهم توظيف هذه التقنية التي لا تهدِّد مهنة الترجمة فحسب بل ستخلق مهنًا واعدة ستتولَّد تباعًا لها؛ باعتبار المجال التقني سوق واعد للشركات والاقتصاديات الكبرى في منطقة الشرق الأوسط.  

ويرى أ. كلاوديو فنتونولي -في نصيحةٍ منه للمترجم الفوري ولصاحب المصلحة- أهمية الانفتاح و«تغيير الذهنية النمطية فيما يتعلَّق بالذكاء الاصطناعي؛ باعتباره لا يجلب المخاطر، لكنّه يجلب الفرص، بجانب صنعه لمستقبلٍ مُبشِّر». فيما ترى د. بيانكا براندي -في حديثٍ عن التطبيقات التقنية- أنّ «التفتّح حول التطبيقات جزء من التطوّر، والانغلاق عنها لا يساعد المهنيين». 

لكن في جانبٍ آخر ومن باب التطوير المهني ترى أ. د. شارون أوبرين أهمية «تطوير المعرفة بدل تطوير خدمة الترجمة التقنية»، وذلك من خلال: الأبحاث العلمية، إقامة المؤتمرات الدولية، والتركيز على الخبرة في المجالات الأقلّ خطورة وليست منها -لحدِّ الآن- «الترجمة الآليَّة»؛ إذ «لم يتمّ تطويرها للمستخدم النهائيّ». لكنها تساعدنا في تحسين الثغرات في المجالات التي لا نحسنها. 

مع الإشارة إلى عدم إغفال معايير المرحلة السابقة، والأهداف المستقبلية، وتوجّهات الأسواق، والمرونة، والوقت، ومدة برامج التدريب، والأثر المالي للمرحلة القادمة. 

حيث أُقيمت 10 جلسات حواريّة تخلَّلتها عدة محطات ترجمية، ترأسّتها الجلسة الأولى: «الترجمة والشِّعر: رُسُل التواصل الثقافي والحضاري»، فـ المحطة الترجمية: «الرياض – بكين: مغامرة الترجمة إلى الصينية». ثمّ الجلسة الثانية: «الترجمة وسوق الأعمال: تجارب ريادية»، تلتها الجلسة الثالثة: «نافذة على لغات الشرق: تجسير للثقافات وترسيخ للمعرفة»، التي تبعتها المحطة الترجمية: «اللغة والتقنية: بوابة الفرص». والجلسة الرابعة: «مستجدات مبتكرة في تعليمات الترجمة»، ثمّ المحطة الترجمية: «ترجمة الأزمات: أبطال في الظل». والجلسة الخامسة: «من كلّ فجٍّ عميق: خدمات الترجمة الرائدة في الحرمين الشريفين». والجلسة السادسة: «ترجمة القصة السعودية: رموزنا الثقافية إلى العالم». والجلسة السابعة: «الترجمة في أروقة المنظمات الدولية»، التي تبعتها المحطة الترجمية: «ترجمة الأنمي من الهِواية إلى الاحتراف». والجلسة الثامنة: «جديد الرقمنة في ترجمة الصوت والصورة». والجلسة التاسعة: «التطوير المِهني والنفسي للمترجم». والجلسة العاشرة: «الترجمة الفورية والذكاء الاصطناعي»، واختتمت الجلسات بالمحطة الترجمية: «الدليل المِهني للمترجمين». 

وِرَش العمل 

أمَّا وِرَش العمل فقد ساهمت بحضور عددٍ من المدرِّبين المحليين والدوليين في إقامة الدورات التدريبية؛ بهدف الرفع من مهارات المُتدربـ/ـة في صناعة الترجمة، من خلال تعلُّم المهارات التي يتطلّبها السوق والتي سيبني عليها المترجم سوقه المُنافس.  

تنوَّعت هذه الوِرَش ما بين: «الكنز المدفون في لسانيَّات المتون: تطبيقات على برنامج “sketch Engine، و«الترجمة بلسانٍ عربيّ مبين»، و«إدارة مشاريع الترجمة: بين المؤشرات والأهداف»، و«تقنيات الترجمة السياحية»، و«الآيزو للمترجم الحُرّ»، و«محاكي Gather لتدريب المترجمين الشفويين»، و«المساعد الافتراضي للمترجم: Interpretbank»، و«تحديّات تدريس الترجمة الآلية العصبية»، و«تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الترجمة». 

الدليل المِهني للمترجمين 

بدأت د. هيلة الخلف -مدير عام الإدارة العامة للترجمة بهيئة الأدب والنشر والترجمة- حديثها عن إطلاق «هيئة الأدب والنشر والترجمة» بالتعاون مع «جمعية الترجمة» -في يوم الترجمة العالمي 30 أيلول/سبتمبر 2023- لـ «الدليل المهني للمترجم» -الأوّل من نوعه في المملكة-، الذي يرشد المهتمّين من هواة ومحترفيّ مجال الترجمة لضبط أعمالهم بكلّ احترافيةٍ وتميّز. 

ثمّ تحدَّثت عن تحديّات وفرص الترجمة في سوق العمل السعودي، بجانب ضعف التنافسية في قطاع الترجمة بالرغم من أنّ «القيمة السُّوقيَّة لقطاعِ الترجمة تُقدَّر بـ 69 مليار دولار». مشيرة إلى الحاجة لدليلٍ مهنيّ يكون مرجِعًا للمترجمين.

ثمّ ذكرت -إثر تصويت قامت به- أهمية التدخل البشريّ في «الترجمة الآليَّة» الإبداعية مُدعمة بذلك ما ذكره د. تشن إن أوه بقوله: «نحتاج مترجم فوري بشريّ للتأكد من المترجم الآلي». لذا نجم المرحلة القادمة كما ترى د. هيلة -إضافة إلى المترجم الفوري البشري- هو «المُحرِّر الأدبي»؛ لأنّ «التقنية بدون تدقيق وتحرير لن تنجح».

التكريم 

كُرِّم الفائزون بالجوائز التي قدَّمتها د. هيلة الخلف ممثّلة لـ «هيئة الأدب والنشر والترجمة»، عن ترجمة قصائد من اللغة العربية إلى لغاتٍ مختلفة، منها: اللغة الإنجليزية، واللغة الصينية. 

حيث حازت ترجمة قصيدة المتنبي «أبلغ عزيزًا» إلى اللغة الصينية على المركز الأوّل. فيما حازت ترجمة قصيدة فهد الشراري «يا عمير» إلى اللغة الإنجليزية على المركز الثاني. أمَّا المركز الثالث فقد كان لترجمة قصيدة الشاعر إيليا أبو ماضي «كُن بلسمًا» إلى اللغة الإنجليزية. 

وآخرًا، اختتم «ملتقى الترجمة الدوليّ 2023: لمحتوى عابر للثقافات»، بعرضٍ سينمائيّ مذهل يصوِّر مشهدًا رمزيًّا إبداعيًّا لأثر الترجمة على الثقافات المختلفة. بجانب الخروج بمخرجاتٍ مُلهمة للمرحلة الراهنة، كان من أبرزها كما ذكر أ. د. فايز الشهري، في جلسته الحواريَّة: «لا خوف على الترجمة من الذكاء الاصطناعي».  

مررها   كن جزء من مجتمع مرّرها اشترك بنشرتنا.