«كتبتُ ولَم أكتبْ إليكَ وإنَّما؛ كتبتُ على روحي بغيرِ كتابِ». -الحلّاج
«وسفينتنا دليلُ النَّظر والتدبّر، والعقل هو ملاحها». – السنائيّ
تنعقدُ هِمّة البحث في تتبّعٍ جماليّ لكتابة ابن عربيّ، خاصةً ديوانه الشِّعري «تُرجمان الأشواق». وهوَ من أهمّ أعماله؛ إذْ يأخذُ المُطَّلِعَ عليه إلى عوالَم مُمكنة، عوالَم التصوُّف الحُرّ، الذي يراوحُ بين البيِّن والخفيّ، وبين الرمزيّ والفلسفيّ. تلتقي في هذا الديوان مساراتُ التعبير الجمالية والشِّعرية والوجدانية والفكرية؛ حيث يتدرجُ ابن عربيّ في موروثٍ صوفيّ مثقل بالمتعالي. ثمّة نماذجٌ خلّاقة تكشفُ استثمارَ الشِّعري في توصيفِ المحبَّة الإلهيّة، نذكُرُ من بينها: ابن الفارض، والحلاّج، ورابعة العدويّة، وزيب النساء[1]، وحافظ الشيرازي، وجلال الدين الرومي، والسنائي.
لا ريبَ أنّ سبيل التصوُّف عندَ هؤلاء هو استقامة الرّوح الشِّعرية، وتصفية النَفس من الأوهام، وتنشيطُ الوجدان. سبيلهُ مُتعلِّقٌ بالذات الشاعرة وبالأثر وسؤال الوجود. تخرجُ الذاتُ من فضاءِ الأنا الداخليّ وتطلّعات القلبِ إلى تطلّعات الشِّعر. أمّا سؤال الوجود يَحضُرُ كثيفًا في مُضمرَات القول الصوفيّ. إلى جانب ذلك، يُراهنُ المتصوِّفة على سؤال الصفاء؛ ألَم يقلْ الحلاّج ذات حقبة، في كتابه «الطواسين»: «رأيتُ طيرًا مِن طيور الصوفيَّة عليه جناحان، وأنكرَ شاني، في حين بقيَ على الطيران، فسألني عن الصفاء، فقلتُ له: اقطع جناحك بمقارض الفناء، وإلاّ فلا تتبعني…»[2].
محورُ مقالتنا، طَرح مقاربة جماليّة فلسفية؛ من خلال قراءةٍ لبعض النماذج الشِّعرية من «ترجمان الأشواق» لابن عربيّ[3]. وقد تخيّرنا هذا العرّاب؛ أوّلاً، لأهمية مدرسته في تاريخ التصوُّف. ثانيًا، لمكانته الميتافيزيقية بمعنى تأثّره بالفلسفة اليونانية، وبحثِه في المسائل المجرّدة والمطلَقة. ثالثًا، فرادةُ ابن عربيّ -وظيفته الصوفيّة- وتأثيره البيّن على اللاّحقين عليه[4].
تشتغل هذه المقاربة بالبحث في منظومة العالَم الصوفيّ لابن عربيّ، وتفكيك تشكيلاته اللغوية وخصوصية نصِّه، وتستكشف البنية الجمالية والمجازية والرمزية في الديوان. يتوغَّلُ الخطابُ الصوفيّ في طبقات المعنى، وفي عمقِ الرموز والصور والطبيعة والغموض. فضلاً عن الجانب المراوح بين الجماليّ والمعرفيّ؛ فالتجربة الصوفيّة محاولة فِهم للحقيقة وفضاء تأمّليّ حَيّ. ووفقًا لذلك، نعتزم في هذا البحث، تتبّع بعض الخصائص الإبداعية للكتابة الصوفيّة وجماليّتها عند ابن عربيّ، ثمّ الفضاء الرمزي والفلسفي في شِعره.
1- الكتابة الإبداعيَّة في «ترجمان الأشواق»
بدايةً يُمكن القول إنَّ «تُرجمان الأشواق» مُنجزٌ شِعريٌّ فريدٌ في التراث الصوفيّ، وقد خصَّص له ابن عربيّ شرحًا مُفصَّلًا في كتابه «ذخائرُ الأعلاق». يلحظُ قارئ الديوان أنّ قصائدهُ أشعارٌ غزليّة تتغنَّى فيها الذات الشاعرة بالحبيبة، ولكنّ الذي لا يكتفي بظاهر القول سيفكّك المعاني العميقة. ونقصدُ مُضمرَات النصّ الخفيّة داخل قصائد ابن عربيّ. «تُرجمان الأشواق» نموذجٌ لذاتٍ وجدانيّةٍ صافيةٍ ومجرّدةٍ مُتحرِّرةٍ من المحسوسات الخبريّة، تُراهنُ على المُطلَق. يدخُلُ الشَّاعرُ إمتاعًا لوجدانِه الحيّ، وجدانٌ يفيضُ بالعواطف الصوفيّة، وبالإيقاعات الشِّعرية.
لقد كان ابن عربيّ واعيًا بخطورة المُفسِّرين في عصره؛ فقد يلتبسُ الأمر[5] عندهم، ولن يتمكّنوا من بلوغ معاني التصوُّف الاصطلاحية؛ فشرح ديوانه مُتحرِّرًا من ثقلِ الذات الشاعرة، إلى الذات المُؤَوِّلة. وهنا تكمنُ براعة ابن عربيّ في التنقلِ من فضاء الإبداع الشِّعري إلى فضاء الشرح والفهم والتفهيم والتأويل. يذكرُ ابن عربيّ في فاتحة «ذخائرُ الأعلاق»، وفي مقدِّمة الديوان، بعض التوضيحات المنهجية والتأويلية، فيقول: «ما نظمته بمكة المشرّفة من الأبيات الغزليّة، في حالِ اعتماري في رجبٍ وشعبانٍ ورمضانٍ؛ أشيرُ بها إلى معارف ربانيّةٍ وأنوارٍ إلهيّةٍ وأسرارٍ روحانيةٍ وعلومٍ عقليةٍ وتنبيهاتٍ شرعية، وجعلتُ العبارة عن ذلك بلسان الغزل والتسبيب؛ لتعشق النفوس بهذه العبارات؛ فتتوفَّر الدواعي على الإصغاء إليها»[6].
لَم نسمع من قبل عن شاعرٍ صوفيّ يشرحُ ديوانه، ولكن نجدُ ضَربًا من التلاقي بين أسلوب ابن عربيّ وابن الفارض في صياغة أسلوبٍ فريدٍ في المحبَّة الإلهيّة وفي جماليَّة اللغة؛ فالمحبَّة الروحانية التي ينتهجها الشاعر هي توقٌ للمعاني المتعالية، إلى الصفاء الروحيّ، إلى «العناية بالنفس»، إذا استعرنا لسان أفلاطون.
يستهلُّ ابن عربيّ التُرجمان، بقوله:
«كلَّما أذكُره مِمَّا جَــرى ** ذكرُه أو مثلُـهُ أن تَفْهَمَـــــا
منهُ أسرارٌ وأنوارٌ جَلَتْ ** أو علَتْ جاءَ بها ربُّ السَّمَا
لِفؤادي أو فؤادُ مَن لَـــه ** مثلُ ما لِي مِن شروطِ العُلَمَا
صِفةٌ قُدسيّةٌ علويّــــــــةٌ ** أعلمت أنَّ لِصِدقي قِدَمـَــــــا».
وفقًا لذلك؛ تتسم الكتابةُ الإبداعيّة عندَ ابن عربيّ ببنيةٍ عميقةٍ، تستدعي المتقابلات الطبيعية، وتعوّل على الغزل عتبة للعبور إلى العالَم العلويّ: (الأسرار، الأنوار، الفؤاد، السَّما، قدسيّة…)، يلحظُ المتأمّلُّ في قصائد التُرجمان فيض المعارف الإلهيّة، وتتالي الانزياحات والمُخاتلة، مثلما لاحظنا في المِثال الذي قدَّمناه.
وقد اكتسبت الكتابة الصوفيّة عند ابن عربيّ نِظام الصور التخييليّة؛ الكتابة الإبداعية عنده إيقاعيّة، ولا نقصدُ بالإيقاع الوزن وحسب، وإنّما إيقاعُ الوجود داخل القصيدة، الحركة المُتدفقة داخل النصّ. نجدُه أيضًا يعتمدُ إيقاعًا لغويًّا؛ من خلال الاشتغال بالمترادفات والأضداد، ويعتمدُ تقريبًا أحدَ عشرَ بَحرًا شِعريًّا في ديوانه. يواشجُ فيها بين المركّب والبسيط والكامل والمجزوء منها الكامل، والمتقارب والرّجز والمديد والرمل والخفيف. إلى جانب ذلك، تتخلَّلّ هذه البحور، عِلَل وزحافات، تصريع[7]، سجع، واشتغالات بالتراكيب اللغوية. يعتمدُ ابن عربيّ إيقاعات مختلفة تلتقي في فضاءٍ صوفيّ يتشحُ بالمرونة والصفاء والأُنس. يحافظُ الشاعرُ على الوقفة الطلَليّة، وتوصيف لوعة المُشتاق في شِعريّتها التقليدية. قد يُعمّقها في بعض القصائد لتصبحَ وقفة تأمليّة تفتحُ الأسرار والأغوار، أمام وَجد العاشق.
يحاولُ المراوحة بين مختلف القوافي؛ ويعودُ ذلك إلى حِرصه على قوّة الجرس والإيقاع. نلحظُ عناية بالرويّ فنجدُ الحضور الأكبر لرويّ الدّال والنّون والرّاء والميم. وهنا نلحظُ تنويعاتهُ الصوتية، وفرادة استثماره للموروث الصوتيّ واللغويّ، نجدُ ضربًا من النغميّة والتدفق والانسيابية التي تُتَرجِمُ براعة الشاعر في تكوين قصيدته وجماليَّة أسلوبه:
«للشَّمسِ غُرّتُها، للّيلِ طُرّتُـــــها ** شَمسٌ وليلٌ معًا مِن أعجبِ الصّورِ
فنحنُ باللّيلِ في ضَوْءِ النهارِ بِها ** ونحنُ في الظّهرِ في لَيلٍ مِن الشَّعَرِ».
يجمعُ الشاعر في هذين البيتين بين الأضداد الليل والنهار، وبين المجازات المختلفة في توصيفه للشمس وأعجب الصور. يقول ابن عربيّ شارحًا البيت الأوّل: «إنّ مجاز الشَّمس والليل هو إشارة على علوم الرمز والإخفاء…»[8]، ويُضيفُ أنَّ الله وحدهُ الجامع بين الضدّين وما لا يتصوّره عقلٌ. ووفقًا لذلك؛ يعوّلُ صاحبُ التُرجمان على قوّةِ الإيقاعِ وقوّة التَّأَمُّلِ في آنٍ واحد. فالكتابة الإبداعية عنده كتابةٌ تأمّلية، تستثمرُ عُمق العبارات، وتعدد دَلالاتها لتكوِّن حقولًا جديدة للفهم والتأويل. ولعلَّ لعبةَ الضمائرِ تجعلُ التُرجمانَ موضعَ بحث ومساءلة؛ إذْ نجده يعتمدُ (هي، هو، هنّ، هما، هم…)، فضلاً عن حركيّة الأفعال، والأسماء، وحروف النداء والتعجُّب.
2- الفضاء الرمزيّ والفلسفيّ في «تُرجمان الأشواق»
يزخرُ الشِّعر الصوفيّ بالرموز، والمجازات العميقة والكثيفة؛ ويعودُ ذلك، لاستغراقِ المُتصوِّفِ في التأمّل، وبناءِ العِبارة داخل النصّ، وجُموحِه إلى الإشارة واستنطاق الأغوارِ والأعماق. ابتكَرَت المُتصوِّفة الرمز فضاءً؛ للكشف عن الوَجد والشوق، والمحبَّة الإلهيّة والإنسانية. تتعدّد دلالات وتأويلات الرمز، وبُنيته الداخلية.
يلحظُ قارئ قصائد التُرجمان، كثافة رمزيّة في أغلب القصائد؛ إذْ تحتاج القصائد إلى تمحيصٍ في باطن القول. فـ«كلَّما اتسعت الرؤية؛ ضاقت العِبارة»، مثلما عبَّر النَّفريّ. لعلَّ النصَّ الصوفيّ، نصٌّ حمّالُ أوجهٍ، تختلفُ فيه المعاني الخالِصة. فمثلاً نجدُ مراوحة بين الأشواق الدنيويّة والإلهيّة، وبين الفيض الغزليّ والفيضّ الربانيّ. هذه المخاتلة وهذا الانزياح هو حبكةٌ شِعريّة لنظام الكتابة الصوفيّة عند ابن عربيّ.
يختارُ ابن عربيّ رموزه بعنايةٍ، وهي بمثابةِ السُبل التي يَهتدي بها المُؤَوِّل لفِهم النصّ الشِّعري. وتُشيرُ أغلب الرُّموز المذكورة إلى البيئة التي يعيش فيها، وهي مُقتبسة من الطبيعة ومن النصّ الدينيّ.
نذكُرُ بعض الأمثلة من التُرجمان:
«خَليلَيَّ عُوجَا بالكَثيبِ، وعَرِّجَا ** على لَعْلَعٍ، وَاطْلَبَ مِياهَ لَملَمِ
فإنَّ بها مَن قدْ عَلِمْتَ، ومَن لَهُم ** صِيامي وحَجِّتي واعتمَارِي ومَوْسِمي».[9]
ويقول في مقطعٍ آخر:
«كلُّ الذي يرجو نَوالَك أُمطِروا ** ما كان بَرْقُـك خُلَّبًا إلاّ مَــــعي
قالت: نعم، قد كان ذاكَ المُلتقى ** في ظلِّ أفناني بأخصَبِ مَوضِعِ».[10]
انطلاقًا من المثَال الأوّل، نَلحَظُ رمز الكثيب والمياه، مراوحة طبيعيّة بين عناصر الطبيعة؛ وفي ذلك تأصيلٌ لمعنى الحياة والترحّل. ويرمزُ ابن عربيّ بهذا القول سعي الذات نحو علمٍ ممكنٍ، ويتحقّق ذلك وفقًا له بالإيمان. يستثمرُ الشاعرُ في فضائه الرمزيّ، الإيماء إلى السِّمات الإلهيّة التي لا يُحيطُ بها عِلمًا وفقًا لقوله في الشرح المُرفقِ للأبيات. ونجدُ نفسَ الفضاء في المثال الثاني، فهو يُشيرُ إلى عناصر الطبيعة، مثل صورة البرق الرمزيّة؛ وفي ذلك تصويرٌ لمشهد البَرق، تَجْسِيدًا لـ«قلب المَشاهدِ»، قلبُ العاشقِ للمتحجبِ.
وهكذا، ثمّة اشتغالٌ بالرموز الغزليَّة، مثل:
1- «هند، زينب، لبنى»، وفي ذلك إشارةٌ إلى حقائقٍ إلهيّة:
«واذْكُرا لِي حديثَ هنْدٍ ولُبنَى ** وسُليْمى وزَيْنَبٍ وعِنَانِ». (ص104).
2- الرموز الطبيعيَّة: (ما يتعلّق بالكون) الشمسُ، الليلُ، الظلام، البروق، (تدلُّ على المعرفة، الأسرار) السَّحاب (العِلم)، الظبي، (تحيلُ على الجسدُ والروح)، حمام الأراك (تحيلُ على التقديس، النّور)، الريح (عالَم الأرواح).
3- الرموز الدينيَّة: (الإحالات الدينيَّة) إدريس، عيسى، موسى، التوراة، القرآن، الإنجيل، الألواح، الكعبة، مصحف، عرفات، زمزم، الجنّة… (تدلّ على الفضاء الإلهيّ).
«وبيتٌ لأوثانٍ، وكعْبَةُ طائفٍ ** وألواحُ توراةٍ، ومُصحفُ قرآن». (ص62).
4- الرموز الحضاريَّة والثقافيَّة والأدبيَّة: الدمَقْس، الخِيام، الربوع، النواويس، الأوثان، بِشر وهند، قيس وليلى، جميل وبثينة.. نستنتجُ من هذه الأمثلة المُقتبسة من تُرجمان الأشواق، انزياحات الشاعر اللغويّة والرمزيّة؛ من خلال تشفير عباراته الصوفيّة وتكثيفها بدَلالاتٍ مرجعية، وحسّ جماليّ خفيّ (مثلاً في بداية التُرجمان عندما يبدأ الشاعرُ الحديث عن شوقه بالحبيبة، مُستعيرًا الوقفة الطلَليّة من القُدامى؛ فإنّه بذلك يصوِّر صورة للذّات الإلهيّة، وفضاءً للزهد الروحيّ).
تفترقُ تأويّلات الرموز بفروق السياقاتِ، والمعاني الصوفيّة، ويتحقَّق ذلك بسلاسةٍ دون تعسفٍ على النصوص. ثمّة حقولٌ مجازية، ولغوية، وعلاقة جدلية بين المكشوف والمُضمَر، وبين المعنى الغزليّ المباشر والمعنى الصوفيّ الخفيّ. ثمّة اشتغال بتاريخ الديانات والإشارات المُقتضبة لمرجعياتٍ شِعرية وأدبيّة، وذِكر لبعض أسماء الأنبياء. تلك السياقات التأويلية تُساهمُ في خَلق عوالَم مُمكنة للمُتلقيّ.
3- خاتمة
إجمالًا، يُمكن القول إنّ جماليَّة الكتابة الإبداعية، تستمدُّ عُمقها مِن الرمزية، والصور المفارقة، والفيض الأبديّ الذي يجسّد مُناجاة ابن عربي وشوقه الإلهيّ. إلى جانب ذلك، جماليَّة النسيب المُتدفقّة، أنثويّة الفضاء الروحيّ، إذْ يتسعُ قلبُ المُتصوِّف إلى محبَّةٍ مُطلَقة ولا نهائيّة، هو قلب مشغول بأنوثة الكلمة، وبقدرتها الخلاَّقة على توصيفٍ جماليّ حيّ. يصوغ ابن عربيّ كتابته بتكثيفٍ عميق وبدقّةٍ مُبتكرة، ويبرزُ ذلك في المراوحة بين الغيب المُطلَق والظاهر والبيّن، وبين الحقائق الإلهيّة والوجود الحيّ، وبين عالَم المعقول وعالَم المحسوس، وبين الجزئيّ والكونيّ. وهكذا تتصفُ كتابته بتعدّد الحقول المعجمية، والمرجعيّات الدينية والفلسفية، بجانب سلاسةٍ لغويةٍ مُتفرِّدة.
[1]– زيب النساء (1448-1113ه) شاعرة فارسية.
[2]– قاسم محمد عباس، الحلاّج الأعمال الكاملة، لبنان، رياض الريس للكتب والنشر، 2002، ص 179.
[3] «ابن عربيّ فيلسوف متصوِّف، أندلسي- دمشقي، كان من أكبر الوجوه الفلسفية الصوفيّة في الإسلام. أُوتي من وجوده العقل، وتألّق الفهم، وإبداع الخيال، وغزارة العاطفة، وسعة العِلم، وتعدّد الآفاق، والقدرة على الاستنباط والمقايسة والاستشهاد؛ ما ساعده على أن يتفلسف التصوّف؛ فيؤسِّس مذهبًا خاصًا كان له تأثيرًا كبيرًا، ويقيم مدرسة ذات أتباع مختلفين، ويخرج مئات من المؤلّفات قصّر عنها الكثيرون من الصوفية الفلاسفة ممَن سبقه أو أتى بعده. انتهى به عِلمه إلى تقرير وِحدة الوجود وإخراجها في مذهبٍ فلسفيّ استمدّه من القرآن والحديث وعلم الكلام، ومن مصادر فلسفيةٍ متنوّعة، كالأفلاطونيّة الحديثة، والرواقية، وغيرهما، ومِن آراء مَن سبقه مِن المتصوِّفة، وبعض الفِرق الاسلاميّة، الظاهرية والباطنية، ثمّ طبعه بطابعه الخاص». صلاح الدين المنجد، تمهيد كتاب مناقب ابن عربي، للشيخ المرشد إبراهيم بن عبد الله القارئ البغدادي، بيروت، مؤسسة التراث العربي، 1959، ص 5.
[4]– عاصر ابن عربيّ حروبًا خطيرة جدًّا، منها: عصر حروب الاسترداد (سقوط الأندلس) في الغرب، والصليبيين، والغزوّ المغوليّ بعد ذلك في الشرق. رغم ذلك نجدهُ مُتعلّقًا بالسلم والصفاء.
[5]– هناك من هاجم ابن عربيّ وكفّره مثل ابن تيمية وابن خلدون. أمّا الذين دافعوا عنه: القاري البغدادي، والسيوطي، والفيروز آبادي، والشعراني، وغيرهم.
[6]– ابن عربيّ، ذخائرُ الأعلاق شرح تُرجمان الأشواق، بيروت، المطبعة الأنسية، 1212هـ، ص1.
[7]– نجدُ تسع قصائد مصرَّعة في التُرجمان (هناك: التصريع في المطلع، وتصريع مضمّن داخل النصّ)، مثال: «قِفْ بالطُّلُولِ الدّارسَاتِ بِلَعلَعِ ** واندُبْ أحبّتنَا بذاك البَلْقَعِ».
* مطلعٌ آخر: «قِفْ بالمنازل واندُب الأَطلاَلا ** وسَلِ الرُّبوعَ الدَّارِساتِ سؤالَا».
[8]– ابن عربيّ، تُرجمان الأشواق، بيروت، دار صادر، 2003، هامش 2، ص 103.
[9]– نفسه، ص 20.
[10]– نفسه، ص 102.