في السنوات القليلة الماضية كانت الجامعات في قبضة سباق تسلُّح تقني مطَّرد مع طلابها، أو على الأقل مع الذين يُسلِّمون واجبات مُنتحلَة. ولمَّا أضحت البرامج أقدر على اكتشاف الطلاب الذين يُسلِّمون واجبات منسوخة من مصادر الإنترنت أو من زملائهم؛ انتقلت جبهة المعركة إلى «معامل المقالات» التي تَعِدُ مفتخرة بكتابة واجبات مخصوصة «غير مُنتحَلَة» بأجرة. الآن صارت بعض الجامعات تُجبر طلابها على كتابة واجباتهم مباشرة في برنامج على الإنترنت يُراقب أسلوب الكتابة وسرعته لمحاولة كشف الغش التعاقُدي. يذكر أحد الأساتذة عن طالب قِيل له: «هذا ليس عملك»، فردَّ الطالب غاضبًا: «إنه عملي؛ لقد دفعت عليه أجرًا!».
ثمة شعور هزلي يُحيط بكل هذا؛ فأحد الأساتذة تلقى مقالة تبدو قصيرةً جدًّا، ولكنَّ برنامج اكتشاف الانتحال قال: “إنها حقَّقت العدد المطلوب من الكلمات”. لكنَّ البرنامج التقط شيئًا غريبًا أيضًا: لقد كتب الطالب «القطط هي القطط هي القطط هي القطط» عشرات المرات، حتى تحقق عدد الكلمات المطلوب، وجعلها باللون الأبيض حتى لا يستطيع القارئ البشري رؤيتها، ولسوء حظ الطالب لم يكن هو أول من جرب هذا؛ فقد حدَّد البرنامج «القطط هي» نصًّا مُنتحلًا.
أمَّا الأكاديميون -الذين كرسوا حياتهم لتخصصاتهم بقدر قد لا يكون صحيًّا- فهناك ما يُثير الحنق في أنَّ الطلاب لا يأخذون المادة بجدية لكتابة واجباتهم بأنفسهم. أمَّا الطلاب، فإنَّ الضغوط الاقتصادية والعائلية والعاطفية يمكن أن تقودهم إلى أشياء متهورة.
إنَّ الانتحال -بمعنى ما – نوع من الكذب، أو على الأقل عدم الإخلاص؛ فقد يكون النص صحيحًا، لكنه يقدِّم نفسه بطريقة مُختلة؛ إذ هو نِتَاج فهم الطالب. وربما السبيل قُدُمًا أن يتباحث الأكاديميون والطلاب حول هذه الحقيقة معًا، بدلًا من محاولة التغلب على بعضهم بعضًا باستخدام التقنية.