مشابهةٌ بين الماركسيّة والبراغماتيّة

تستغرق 10 دقائق للقراءة
مشابهةٌ بين الماركسيّة والبراغماتيّة

في كتابه: «النشاط في فلسفة ماركس» (Activity in Marx’s Philosophy)، يناقش الكاتب الأمريكي المعاصر نورمان ليفرغود مفهوم النشاط وارتباطه بنظرية المعرفة، أو الإبستمولوجيا، في الفلسفة الماركسية. يقارن ليفرغود بين الفيلسوف كارل ماركس (1818 – 1883)، كممثّل للماركسية، والفيلسوف جون ديوي (1859 – 1952)، كممثّل للبراغماتية، ليستنتج أنّ هناك تشابهًا بين الإبستمولوجيا الماركسية والإبستمولوجيا البراغماتية. من جهةٍ أخرى وبحسب ليفرغود، نشاط المعرفة عند ماركس يعني فعالية الأفكار ونفعيّتها عند تطبيقها في الواقع لتغييره. إنّ صحة الأفكار تقوم على التطابق بين التغيير الذي تدّعي الأفكار حدوثه والتغيير الفعلي الذي تُحدثه في الواقع. لذا بالنسبة لليفرغود، تتمحور الإبستمولوجيا الماركسية حول فعالية المعرفة النظرية للنظام الشيوعي، فتكون النظرية صحيحة إذا أحدثت التغيير الذي تدّعيه في الواقع. ومن جهةٍ أخرى، إنّ فعالية المعرفة عند جون ديوي تكمن في التغيير الذي تُحدثه في العالم، وهكذا يمكن فحص صحة المعرفة على أساس التغيير الذي تُنتجه. في حين أنّ ماركس يتوق إلى النظام الشيوعي وديوي يطمح إلى النظام الديمقراطي، يتشابهان في التطبيق المستقبلي لنظرية نظامٍ اجتماعي واقتصادي.

في هذا المقال، سأجادل على أنّ مشابهة ليفرغود بين الماركسية والبراغماتية مبنية على تفسيرٍ خاطئ لكارل ماركس. إنّ فعالية المعرفة عند ماركس لا تعتمد على التطبيق المستقبلي للأفكار والنظريات، بل على ترسيخ المعرفة في الحاضر. فالشيوعية كنشاط، بالنسبة لماركس، هي عملية إبطال النظام الاجتماعي الاقتصادي الحالي؛ أيّ الرأسمالية. وبما أنّ مفهوم النشاط عند ماركس يتضمن النشاط الفكري، فإنّ صحة المعرفة تعتمد على مدى توافقها مع النشاط الحالي لا على التطبيق المستقبلي. لذا المقارنة التي يعرضها ليفرغود بين ماركس وديوي خاطئة، فالإبستمولوجيا الماركسية تقوم على وحدة النشاط الفكري والنشاط الإنساني ككل، لا على الفصل الزمني بينهما. بالإضافة إلى أنّ ماركس ينقد الأيديولوجيا الألمانية لاعتبارها أنّ التغيير على المستوى المعرفي يُنتج ويَقود التغيير الواقعي العملي، وتفسير ليفرغود لماركس يتعارض مع هذا النقد.

الإبستمولوجيا الماركسية عند ليفرغود

الإبستمولوجيا هي دراسة كيفية معرفة الذات (subject) للشيء (object)، وكيفية التمييز بين المعرفة الصحيحة والخاطئة. يقدّم ليفرغود ماركس بكونه ينظر إلى الذات المعرفية والشيء المعرفي ككيانين نشيطين: إنّ الذات نشيطة لأنها تقوم ببناء معرفتها للشيء، والشيء نشط لأنه يُحرّك ذاته بذاته. من جهةٍ أخرى فإنّ نشاط الذات في بناء معرفتها بالشيء يأتي من تأثير الفيلسوف إيمانويل كانط (1724 – 1804)، على ماركس (Livergood, 14). رغم أنّ ليفرغود يقول بأنّ «الفكر هو انعكاس المادة في العقل» (Livergood, 13). يضيف أنّ هذا الانعكاس (reflection)، يتّصف بما يشبه النشاط الكانطي للعقل الذي يبني الظواهر المادية. فبالنسبة إلى كانط، تتلقى الذات البيانات الحسّية للشيء المعرفي من خلال أشكال الحدس؛ أيّ المكان والزمان، ثمّ تحكم من خلال مقولات الفهم وأفكار العقل لتُنتج الأشياء كظواهر. وهذا النشاط يقوم به العقل الإنساني أو الذات المعرفية لكي يصبح إدراك الأشياء ممكنًا. لذلك، يقدّم ليفرغود الإبستمولوجيا الماركسية على أساس أنّ التمثيل (representation) الفكري للأشياء هو انعكاس للأشياء كما هي في الواقع، ولكن ما يسبق هذا التمثيل وما يخفيه هذا الانعكاس هو نشاط العقل في بناء التمثيلات المطابقة للأشياء.

من جهةٍ أخرى، مصدر نشاط الشيء: الفيلسوف اليوناني أبيقور (341 – 270 ق.م.)، والفيلسوف الألماني هيجل (1770 – 1831). يؤكد ليفرغود أنّ ماركس دافع عن فلسفة أبيقور في أطروحته للدكتوراة؛ لأنه يتميز بالتشديد على مفهوم النشاط في تفسير الظواهر الطبيعية (Livergood, 1). يضيف ليفرغود إلى ذلك أن بالنسبة لهيجل، الواقع الذي يتألف من أشياء العالم يتمتع بمبدأ الحركة الذاتية (Livergood, 4). ما يعني أنّ نظرة ماركس للشيء المعرفي تفترض تملّكه لمصدرٍ داخلي للحركة؛ أيّ النشاط. فأشياء الطبيعة ليست ثابتة، وحركتها لا تأتي فقط من التفاعلات الخارجية مع الأشياء الأخرى. لكن مفهوم نشاط الأشياء لا يقف عند تغيّرها بالنسبة لليفرغود، إنما يتضمّن كونها تعطي الذات المعرفية البيانات الحسّية لبناء المعرفة (Livergood, 13). أيّ أنّ الأشياء نشيطة، لأنها تقدّم ذاتها للذات لكي تعرفها.

يصرّح ماركس في الأطروحة الثانية من الأطروحات حول فويرباخ أنّ على الإنسان إثبات صحة معرفته في الممارسة (Marx 2000, 171). يفهم ليفرغود الممارسة (practice)، على أنها تعني النشاط الحسّي (Livergood, 21)، أيّ النشاط اليدوي الجسدي الذي يتفاعل مع الأشياء المادية الحسّية. ويربط الأطروحة الثانية بالأطروحة الأخيرة القائلة بأنّ الفلاسفة فسّروا العالم لكن المطلوب تغيير العالم (Marx 2000, 173)، ليستنتج أنّ المعرفة الصحيحة هي التي تغيّر العالم والمعرفة الخاطئة هي التي لا تُحدث التغيير الذي تزعمه. ما يعني أنّ الممارسة هي المعيار الإبستمولوجي لتقييم صحة المعرفة. فلا قيمة للمعرفة التي لا تثمر نشاطًا؛ لأن نفعيّة المعرفة تكون بالأفعال التي تنبع منها. إذن، الأفكار نشيطة لأنها أدوات لتغيير الواقع، وهذا هو مفهوم نشاط المعرفة عند ماركس، بالنسبة لليفرغود.

المشابهة بين ماركس وديوي

«إنّ الإبستمولوجيا عند ماركس لها تشابه واضح مع البراغماتية. التقارب الوثيق بين الماركسية والبراغماتية يكمن في الإبستمولوجيا»، (Livergood, 22). يجادل ليفرغود أنّ الممارسة هي المعيار الإبستمولوجي الذي يقيّم المعرفة إذا كانت صحيحة أو خاطئة عند البراغماتية، وليس فقط عند الماركسية (Livergood, 23). لكن الفرق بين مفهوم الممارسة في الماركسية والممارسة في البراغماتية هو أنّ الأول يمتاز بالموضوعية (objectivity)، ويمتاز الثاني بالذاتية (subjectivity). هذا الفرق مرتبط بمفهوم النفعيّة؛ حيث إنّ الأفكار الصحيحة تنفع في تغيير العالم الخارجي الموضوعي بالنسبة للماركسي، بغض النظر عن منفعته الشخصية الذاتية، بعكس البراغماتي.

إنّ التشابه بين كارل ماركس وجون ديوي يبدأ أولًا من المنهجية في التعامل مع الإبستمولوجيا، حيث إنهما لم يعالجا أطروحاتهما الإبستمولوجية في كتاباتٍ معينة، بل هذه الطروحات مبعثرة في كتاباتهما العامة (Livergood, 26). فعند ماركس وديوي، علينا أنّ نفهم المنظومة الفلسفية بأكملها لكي نستخلص المواقف الإبستمولوجية. التشابه الثاني هو أنّ الواقع المُراد تغييره يتضمن مسارًا معينًا من العلاقات: في حين أنّ الواقع بالنسبة لماركس يتألف من العلاقات الإنسانية الاقتصادية التي تفرز الأنظمة الاجتماعية، فيما تقوم فلسفة ديوي على العلاقات بين المشكلات والأفكار والحلول في أيّ حدث (event) (Livergood, 26). التشابه الثالث هو أنّ المعرفة تقود مسار العلاقات لتغيير الواقع، أمّا التشابه الرابع هو أنّ فحص صحة المعرفة لا يكون إلاّ من خلال التغيير العملي الفعلي المتوقع حدوثه (Livergood, 26). لذا يجب على المعرفة النظرية للنظام الاجتماعي – سواءً كان الشيوعي الخاصّ بماركس، أو الديمقراطي الخاصّ بديوي – أن تقود العلاقات التي يتألف منها الواقع الحالي لكي يتحوّل إلى واقعٍ جديد؛ أيّ نظام اجتماعي جديد. ومن ثمّ إذا أصبح النظام الاجتماعي متوافقًا مع ما تحمله المنظومة المعرفية النظرية للنظام؛ أيّ إذا تحقّق بالفعل ما كان في الماضي نظريًا فقط؛ ستكون النظرية صحيحة.

نقد ليفرغود

من جهة، يؤكد ماركس في كتاب «الأيديولوجيا الألمانية» أنّ في حال فصل النشاط الفكري عن النشاط اليدوي، «يمكن للوعي أن يثني على نفسه باعتباره شيئًا مختلفًا عن وعي الممارسة القائمة» (Marx 1998, 50). إنّ وعي الممارسة هو النشاط الفكري للوعي غير المفصول عن النشاط اليدوي الجسدي القائم في الحاضر. الأيديولوجيات، بالنسبة إلى ماركس، هي النظريات الناتجة عن نشاط الوعي المستقلّ عن الممارسة؛ أيّ التنظير الفكري المفصول عن النشاط الإنساني المُنتِج. ومن جهةٍ أخرى، ينقد ماركس في «المخطوطات الاقتصادية والفلسفية» (1844)، مفهوم العمل أو النشاط عند هيجل بأنه محصور بالنشاط الفكري، ما يعني أنّ مفهوم النشاط عند ماركس يشمل العمل اليدوي والفكري معًا (Marx 1974, 131). لذا لا يمكن أن يكون هناك فصل زمني بين النشاط الفكري والتطبيق العملي، كما يزعم ليفرغود في تفسيره لماركس. إذا كان النشاط الفكري يسبق التطبيق العملي، فلا بدّ لهذا النشاط الفكري أن يُنتج نظريات أيديولوجية؛ لأنه مستقلّ عن الممارسة، وهذا ما يرفضه ماركس. إنّ الإبستمولوجيا الماركسية تفترض الوحدة بين النشاط الفكري واليدوي، بين ما هو نظري وما هو عملي. أمّا الإبستمولوجيا التي يقدّمها ليفرغود تفترض الفصل بين النشاط النظري والنشاط العملي، ويظهر هذا الفصل في مفهوم التطبيق العملي اللاّحق لما هو نظري.

في «الأطروحة الثالثة من الأطروحات حول فويرباخ»، يجادل ماركس بأنّ الممارسة الثورية؛ أيّ الممارسة التي تغيّر العالم، تضمن التزامن بين التغيير في الظروف الخارجية والتغيير الحاصل للإنسان في نشاطه (Marx 2000, 172). وهذا يعني أنّ الممارسة التي تغيّر العالم تستوجب التلاقي بين مسار الشيء المعرفي وظروفه الخارجية من جهة، والمسار التغييري للذات المعرفية في ظلّ النشاط الإنساني من جهةٍ أخرى. إنّ هذا التزامن يتضمن مفهوم الوحدة بين ما هو نظري وما هو عملي؛ لأنه يعني التزامن بين فهم الذات للشيء من جهة، والعمل على تغيير الشيء من جهةٍ أخرى: العمل على تغيير النظام الرأسمالي وفهم التغيير في وقت حدوثه. لكي نفهم المقصود من الأطروحة الثانية، القائلة إنّ على الإنسان إثبات المعرفة الصحيحة عمليًا في الممارسة (Marx 2000, 171)، علينا وضعها في إطار الأطروحة الثالثة. في حين أنّ ليفرغود يفسّر الأطروحة الثانية بمعزلٍ عن الثالثة من الأطروحات حول فويرباخ. لذا، إثبات صحة المعرفة يكون في الوحدة والتزامن بين التنظير الفكري والتغيير الحاصل في الواقع. فتكون النظرية المعرفية صحيحة حين تعكس التغيير الذي يحدث للشيء المعرفي؛ أيّ في ظلّ تزامن مسار الذات ومسار الشيء، وفي وحدة المعرفة النظرية والممارسة العملية.

يعتبر ليفرغود أنّ الشيوعية هي نظرية يجب أن تُطبَّق في المستقبل، في حين عرّفها ماركس بأنها النشاط الذي يلغي الوضع الحالي للأشياء (Marx 1998, 57). الشيوعية ليست نظرية مثالية عن رؤية مستقبلية، بل فعل مرتبط بالحاضر. لذا، إذا أردنا توضيح موقف ماركس الإبستمولوجي، فيجب أن تكون المعرفة مرتبطة بالفعل الحالي لإلغاء أو تدمير النظام الاجتماعي الاقتصادي الحاضر؛ أيّ النظام الرأسمالي، وتحديدًا نمط الإنتاج الرأسمالي، لا بتطبيق رؤية مستقبلية. وفي هذا السياق، يؤكد الفيلسوف الفرنسي المعاصر إتيان باليبار على أنّ نشاط تغيير العالم عند ماركس لا يتطلّب خطة مستقبلية (Balibar, 21-22). من هذا المنطلق، الإبستمولوجيا الماركسية ترتكز على معرفة الواقع الذي نقوم بتغييره في الحاضر، لا على تطبيقٍ مستقبليّ لنظريةٍ معرفية.

بالنسبة لماركس، النظرية هي نتاج الممارسة والنشاط الإنساني، أمّا ليفرغود يمنح الأسبقية للنظرية ويعكس علاقتها بالنشاط. الممارسة ليست تطبيقًا لنظرية أو فكرة، كما يدّعي ليفرغود. ما يقصده ماركس هو أنّ الممارسة تشمل النشاط الفكري، والجسدي اليدوي، ومن ثمّ تُنتِج الممارسة الأشياء الحسّية كالطاولات والبيوت، كما أنها تُنتِج النظريات العلمية والفلسفية مثلًا. ما يعني أنّ الممارسة هي مصدر النظريات بالنسبة لماركس، وأنّ الممارسة لا تأتي بعد النشاط الفكري كما يقول ليفرغود، بل تشمله. بالإضافة إلى أنّ ليفرغود يعارض ذاته بقوله إنّ النشاط هو أساس الأفكار ومصدرها (Livergood, 10)، في حين أنه يجادل بأنّ الأفكار والنظريات تسبق وتقود النشاط الذي سيغيّر العالم. إنّ مفهوم تطبيق الأفكار يمنح الأسبقية للأفكار على النشاط والممارسة، وكأنّ الأفكار الحالية أو السابقة هي مصدر الأفعال المستقبلية.

في السياق ذاته، الفكرة العامة في كتاب «الأيديولوجيا الألمانية»، هي أنّ التغيير على مستوى الوعي والفكر والنظريات لا يُحدث تغييرًا في الواقع، بل أن التغيير على مستوى الممارسة هو الذي يُنتِج تغيير الواقع. في حال كان ليفرغود محقًا، سيكون ماركس قد نقد ذاته بإنتاج نظرية معرفية من المتوقّع أن تغيّر الواقع. إنّ ماركس لا يدعو إلى بناء نظرية فكرية مغايرة للأديولوجيات السابقة بهدف تغيير العالم، بل إلى تغيير ممارسة النمط الإنتاجي القائم. وهذه الممارسة تشمل تغيير نمط نشاط الوعي غير المستقلّ عن الممارسة، وليس التنظير الفكري المفصول عنها. ليفرغود لا يأخذ بعين الاعتبار تمييز ماركس بين وعي الممارسة والوعي الذي يُنتِج الأيديولوجيات، لذلك قام بتفسير فلسفة ماركس بشكلٍ خاطئ. إنّ وعي الممارسة يمكن أن يشمل نوعًا من التطبيق المستقبلي، كالمهندس الذي يرسم الخريطة قبل المباشرة في البناء، لكن عمل الوعي المرافق لرسم الخريطة لا يتضمّن بناء نظرية فكرية، بعكس الأيديولوجيات. التنظير؛ أيّ بناء النظرية الفكرية، في وعي الممارسة يتزامن مع تغيُّر الشيء المعرفي في الواقع، أمّا التنظير الأيديولوجي يسبق الواقع الذي يتوق إلى تغييره.

الخاتمة

إنّ تأثير كانط وهيجل على ماركس غير واضح عند ليفرغود. بعد كانط وهيجل، علينا أن نميّز بين المعرفة كمجموعة من الأفكار والمعتقدات والنظريات من جهة، والمعرفة كنشاط للوعي الإنساني الذي يُنتِج الأفكار والمعتقدات والنظريات من جهةٍ أخرى. إنّ مفهوم النشاط أو الممارسة عند ماركس لا يشمل المعنى الأول للمعرفة، لكنه يشمل المعنى الثاني. أيّ أنّ الممارسة عند ماركس هي النشاط الفكري والجسدي الجماعي الذي يُنتِج النظريات والأفكار، كما المباني والمزارع والبيوت، وأيضًا يُنتِج القيمة المادية ورأس المال. ومن هذا المنطلق، الإبستمولوجيا تبدأ من فحص النشاط الفكري كجزء لا يتجزأ من النشاط الإنساني الاجتماعي.

ينطلق ليفرغود من أنّ الإبستمولوجيا الماركسية تقوم على تطبيق نظرية لفحص صحّتها عمليًا، ولهذا يقوم بمشابهتها مع الإبستمولوجيا البراغماتية. لكن الإبستمولوجيا الماركسية تقول إنّ النظرية الصحيحة هي التي تعكس التغيّر الحاصل في الواقع حين يتزامن التنظير مع هذا التغيّر ومع النشاط الإنساني الذي يقود التغيّر. ليست الأفكار والنظريات هي التي تقود التغيّر الواقعي كما يدّعي ليفرغود، لكن النشاط الإنساني الاجتماعي ككل. إنّ هذا النشاط الإنساني يشمل نشاط الوعي غير المستقلّ عن الممارسة والنشاط اليدوي والعملي، ولهذا السبب يشدد ماركس على أنّ تغيير الواقع يبدأ من تغيير نمط الإنتاج. لذا، المشابهة التي يقدّمها ليفرغود بين الإبستمولوجيا الماركسية والإبستمولوجيا البراغماتية مبنية على تفسيرٍ غير صحيح لماركس، ومن ثمّ المشابهة خاطئة. إنّ الشيوعية تبدأ كنشاط ثوريّ لإلغاء نمط الإنتاج الحالي، ويشمل هذا النشاط معرفة الواقع الذي نغيّره من خلال التنظير؛ أيّ بناء نظرية تعكس النشاط والتغيّر الحاصل. ومن ثمّ الشيوعية ليست نظرية فكرية لنظامٍ ما، ويجب أن تحلّ محلّ الرأسمالية حين نطبّقها في المستقبل، وهذا ما يفترضه ليفرغود ليقوم ببناء المشابهة بين الماركسيّة والبراغماتيّة.

[divider style=”solid” top=”20″ bottom=”20″]

المراجع:

Balibar, Etienne. 2007. The Philosophy of Marx, trans. Chris Turner. London and New York: Verso.

Livergood, Norman D. and SpringerLink (Online service). 1967. Activity in Marx’s Philosophy. Dordrecht: Springer Netherlands. doi:10.1007/978-94-017-5059-2.

Marx, Karl. 1974. Economic and Philosophic Manuscripts of 1844. Progress Publishers, Moscow.

Marx, Karl. 2000. Karl Marx: Selected Writings. ed. Davis McLellan, 2nd ed. Oxford: Oxford University Press.

Marx, Karl and Friedrich Engels. 1998. The German Ideology: Including Theses on Feuerbach and Introduction to the Critique of Political Economy. Amherst, N.Y: Prometheus Books.

مررها   كن جزء من مجتمع مرّرها اشترك بنشرتنا.